وجمع من الفلاسفة إلى حسن البعثة ، ومنعت منه البراهمة كما تقدم ، ويستدلّ على حسنها أنها قد اشتملت على فوائد وخلت عن المفاسد فكانت حسنة قطعا ، أما فوائدها فكثيرة أهمها :
الفائدة الأولى :
إن الأنبياء يبيّنون لنا ما يراد من العبادة كما أنهم يبيّنون كيفيتها ومقدارها ، فلو سلّمنا بوجوب الطاعة عقلا ليس إلا كما يقول البراهمة ، فكيفيتها غير معلومة لنا ، لذا بعث سبحانه الرسل لقطع هذا العذر.
الفائدة الثانية :
في الإنسان شهوات تنازعه وأهواء تصده ، فالبعثة إمداد له فيما لو سها نبّهته ، وإذ انحرف عن الصواب منعته ، ولو ترك وهواه ونفسه لكان ذلك إغراء له لفعل القبيح ، وهذا لا يجوز عليه تعالى لأنه عادل فالبعثة لازمة.
الفائدة الثالثة :
إنّا لا نعلم بعقولنا من صفاته تعالى إلّا التي يستدل عليها من أفعاله ، وأما سائر صفاته فلا سبيل إلى معرفتها إلّا بأخبار الأنبياء والأولياء عليهمالسلام.
الفائدة الرابعة :
يحكم العقل بعدم جواز التصرّف بملك الغير إلّا بإذنه ، وحيث إننا عبيده تعالى فلا يحق لنا التصرف إلّا بإذنه وحيث لا طريق لنا لذلك إلّا بواسطة أنبيائه ، فهم عليهمالسلام وسائط إذنه وأبواب فضله فيزول الخوف عند العبيد فتكون البعثة ذات فائدة ، حينئذ تكون واجبة.
الفائدة الخامسة :
إنّ أفراد البشر متفاوتون في إدراك الكمالات وتحصيل المعارف واقتناء الفضائل ، فبعضهم مستغن عن معاون لقوة نفسه وكمال إدراكه وشدة استعداده للاتصال بالمبادئ العالية كالملائكة العظام وهذا لا يحصل إلّا للأوحدي ، وبعضهم عاجز بالكلية وبعضهم متوسط الحال ، وفائدة بعثة الأنبياء أنهم يكمّلون الناقص ليصل إلى الكمال المنشود.
الفائدة السادسة :
إنّ البعثة تبيّن حال الواقع كما هو ، فرب شيء يكون مستحسنا لدينا ولا