تأتمر بأمره ، وأن المسيح عيسى عليهالسلام كان يمسح بيده المريض فيبرأ ، وأنّ الحصى سبّحت في كف النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلّ هذا يعدّ خرقا للقانون المزبور وتحققا للمعلول بدون علة وهو واضح البطلان بحكم الأدلة ، لأنّ الثعبان يتولّد من البيضة لا من عصا موسى عليهالسلام ، وإنّ إزالة المرض رهن باستعمال الأدوية ، والتسبيح نوع تكلم يحتاج إلى حنجرة وفم ولهاة.
والجواب من وجوه أربعة :
١ ـ إنّ قانون العلّية يفرض أن يكون لكل موجود علة تفيض عليه الحياة والوجود وهو دائم الارتباط بها لا ينفك عنها وإلّا مصيره الفناء والعدم ، وهذا القانون المحكم لا يفرض علينا أن تكون كل علة قابلة للمعرفة والكشف المخبري والمجهري ولا يوجد أي دليل يثبت فرضية أن كل علة قابلة للكشف حتى إنّ التجريبيين أنفسهم يعترفون بذلك ، فميدان التجارب العلمية محدود بالأمور الطبيعية ولا يمكن أن يثبت من خلالها كشف ما وراء الطبيعة أو نفيها.
٢ ـ إنّ ما يناقض قانون العلّية هو القول إنّ المعجزة ظاهرة اتفاقية لا تستند إلى علة أبدا وهذا لا يعتقد به الإلهيون لأنّهم يسلّمون بوجود علّة ما لا يأنس بها الذهن البشري المادي إذ لعلّها من العلل المجرّدة التي لا يمكن للآلات أن تنالها ، فإنكار الماديين لهذا النوع الخاص من العلل المتعارفة لا يعتبر دليلا على نفي العام أي نفي مطلق العلل حتى العلل غير المادية.
٣ ـ إنّ إنكار وجود علة في تحقق المعجزة لا يعدّ إنكارا لقانون العلّية ما دامت المعجزة مرتبطة بعلّة العلل وهي الله سبحانه (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس / ٨٣).
٤ ـ لما لا تكون نفس النبي علة لتحقق المعجزة باعتبار قوة إشراقها وقربها من المبدأ الأول بحيث تصبح مجرّدة مستعلية على المادة مطلقا ، وهذا يسهّل لها عملية الخلق والإبداع بإذنه تعالى والشاهد عليه ما فعله النبي عيسى عليهالسلام حينما قال : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران / ٥٠).
فهنا وضّحت الآية المباركة أن عيسى نتيجة قربه من المبدأ صار قادرا على إيجاد الخلق بإذنه تعالى في أي وقت شاء.