آثاره وظهر منها ما يظهر من الإنسان والحيوان من الأعمال العلمية والأفعال والانفعالات الشعورية؟
جوابه :
أولا : لا دليل على كون العلم ذا سنخ واحد من تشابه الآثار المترشحة منه ، فمن الممكن أن يكون ذا مراتب مختلفة تختلف باختلافها الآثار ، على أن الآثار والأعمال العجيبة المتقنة المشهورة عند النبات وسائر الأنواع الطبيعية في عالمنا هذا لا تقصر في إتقانها ونظمها وترتيبها عن آثار الأحياء كالإنسان والحيوان.
ثانيا : أن يكون المراد بالخطاب بالإقبال والإدبار الاستعارة التمثيلية أو كناية عن بيان أو مدار التكاليف والكمالات والترقيات منوطة بالعقل ومتوقفة عليه ، ومنه ما ورد عن مولانا الإمام الصادق عليهالسلام قال :
خلق الله العقل من أربعة أشياء :
العلم ـ والقدرة ـ والنور ـ والمشية بالأمر ، فجعله قائما بالعلم دائما في الملكوت(١).
فخلق هذه الأشياء الأربعة كناية عن استلزامه لها فكأنها مادته ؛ ويحتمل أن تكون (من) تعليلية أي خلقه لتحصيل تلك الأمور ، أو المعنى أنه تعالى لم يخلقه من مادة بل خلقه من علمه وقدرته ونوريته ومشيته فظهر في تلك الآثار من أنوار جلاله.
ثالثا : أن يكون المقصود بالخطاب نور النبي محمّد وآله المقدّسين صلّى الله عليه وعليهم أجمعين كما ورد في بعض النصوص :
منها : عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أول ما خلق الله نوري» (٢).
وفي حديث مثله مع زيادة : «إذ به تنوّرت السماوات والأرض» (٣).
ومنها عنه صلّى عليه وآله وسلّم : «أول ما خلق الله عزوجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده
__________________
(١) مصابيح الأنوار : ج ٢ ص ٤٠٦ نقلا عن الاختصاص للمفيد (قدسسره).
(٢) بحار الأنوار : ج ١ ص ٩٧ ح ٧.
(٣) علم اليقين : ج ١ ص ١٥٦.