الآية الثالثة :
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (الأحزاب / ٢٢).
تقرر الآية : وجوب كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أسوة وقدوة للآخرين في كل حركاته وأفعاله ، وليس المراد من «الأسوة الحسنة» كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم قدوة في التبليغ فحسب لأنّ فعله كله نوع من التبليغ ، فإنّ عبادته لا يتميّز منها ما هو تبليغ عن غيره بل ينبغي الجزم بأنّ جميعها تبليغ وإلّا لما علم دوام التكليف (١).
مضافا إلى أنّ التأسي بالنبي في الآية (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) جاء بصورة مطلقة مما يعني وجوب التأسي به في جميع المجالات ، ولا يصح تقييدها بوظيفة التبليغ دون غيرها لعدم قائل بالفصل ، ولوجود إجماعات ونقولات تفيد وجوب التأسي به في كل شيء.
ووجوب الاقتداء به يفيد العصمة الكاملة من جميع الجهات.
الآية الرابعة :
قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر / ٨).
دلّت الآية المباركة على وجوب التسليم والانقياد لأقوال النبي وأفعاله على وجه العموم والإطلاق والانتهاء عمّا نهى عنه ، ولو جاز السهو لاحتملنا أنه يسهو في كل فعل وقول ، فتبطل حجية اتباعه في كل ما يأمر أو ينهى ، وهذا خلف ما أراده الباري من عباده أن يأتمروا بأوامر نبيه والانزجار بزواجره ونواهيه.
الآية الخامسة :
قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب / ٣٤).
الآية واضحة الدلالة على إذهاب الرجس عن النبي والعترة الطاهرة ، وإذهاب الرجس دليل العصمة وهو غير منحصر بهم عليهمالسلام بل يشمل الأنبياء والمرسلين ، والمراد منه تطهيرهم من كل عيب ونقص وقذر تشمئز منه الطباع أو العقول أو الشرائع ، ومما ريب فيه أن السهو والنسيان مما تستقبحه الطباع والعقول وغير
__________________
(١) رسالة التنبيه بالمعلوم : ص ٢٢.