ثانيا : إن هذه المرويات المذكورة من كلماتهم المتشابهة التي لا بدّ من الرجوع لمعرفتها إلى المحكمات من الكتاب والسنّة وحكم العقل تماما كالمتشابهات القرآنية التي يجب الرجوع فيها إلى المحكم ، فقد ورد عن مولانا الإمام الرضا عليهالسلام قال :
«إنّ من أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ، ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا» (١).
والآيات والروايات الأخرى تثبت حضورية علمهم عليهمالسلام ، إضافة إلى حكم العقل بذلك ، مع قبول تلك الروايات المقيّدة لعلمهم بالإرادة إلى التأويل بما يتناسب مع الأدلة الأخرى المثبتة لحضورية علمهم ، وبما يليق بشأنهم وعلوّ مقامهم.
ثالثا : إنّ العلم الإرادي ـ التي صرّحت به تلك المرويات ـ المقيّد بالمشية من معاني العلم المجازية لا الحقيقية ، لتبادر غيره وصحة السلب عنه ، فيخرج عن فردية العلم المطلق القابل لتقييد إطلاقه كما توهمه بعض.
رابعا : صراحة المطلقات المثبتة لعلمهم في الإطلاق والعموم والفعلية على وجه تأبى عن التبعيض وعن التقييد بالمشية (٢) كما لا يخفى على من راجع تلك النصوص النقية (٣) القطعية ودلالتها الصريحة الجلية ، ولا ينكرها إلّا كل مكابر ، أعمت العصبية عينيه.
خامسا : لو لم يكن علمهم حاضرا لجاز أن يوجد من هو أعلم منهم بالأمر الذي يقع أو يسألون عنه ، ولا يجوز أن يكون أحد أعلم من الإمام أو النبي في وقته في شيء من الأشياء.
وأما استلزام عدم الحضوري وجود الأعلم فأمر بديهي ، وذلك لأنّ جزئيات الموضوعات الخارجية لا بدّ وأن يكون هناك من يعرفها كبنوة زيد لعمرو ، أو زنا
__________________
(١) عيون أخبار الإمام الرضا : ج ١ ب ٢٨ ص ٢٩٠ ح ٣٩ ط. قم.
ووسائل الشيعة : ج ١٨ ص ٨٢ ح ٢٢ ط. قم.
والاحتجاج للطبرسي : ج ٢ ص ١٩٢ ط. قم.
(٢) المعارف السلمانية : ص ١٠٢.
(٣) بحار الأنوار : ج ٢٦ ص ١٠٩.