لا إله إلا الله الملك الجبّار ، فالنبي محمّد مرآة التجلي في كل عالم من العوالم ومقام من المقامات ، قد تجلّى لعباد الله بحسب قربهم ليعرفوا الله ويعبدوه ، ولو لم يظهر لما عبد الله مطلقا ، ففي الحديث «كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عزوجل مطيعا يسبّح. ثم ركّب ذلك النور في صلب آدم فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزء أنا وجزء علي».
كانا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة ، فلا بدّ للأنبياء والمرسلين والأوصياء الماضين غير العترة أن يعرفوا هذه الوجهة العظيمة والتوجه إلى هذه القبلة الشريفة ، ثم إنّ ظهوره عليهالسلام في كل عالم بعد استعداد القوابل وكمال الأركان وقوة المشاعر وذلك لا يمكن إلّا بتكميل الكاملين وهم الأنبياء ، فلا بدّ أن يظهروا أولا في كل عالم لتكميل القابليات ليظهر بعدهم أشرف الآيات وهو الخاتم محمد من بعدهم.
النقطة الثالثة : في أن الخاتم أول الخلق والأنبياء آثاره : اتّفق المسلمون قاطبة على أنّ الخاتم أول الخلق وذلك لأنّ للخلق أولا ، والأوليّة في غير الزمان ليست كالأولية الدنيوية ، فإنّ الأول فيها في عرض الثاني والثالث ولكن الأول الدهري والسرمدي سابق في الطول ، وكل مقدّم في الطول فوق من هو تحته على الحقيقة ، وإذا كان مؤثرا لكل من دونه فيكون محيطا بهم واقفا عليهم ، والخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم محيط بجميع من دونه بالمؤثرية في الكون وجميع الخلق آثاره ، فإنّ كل خلق إن كان من النوريين يكون أثر نفسه وإن كان من الظلمانيين فهو أثر ظله ، فهو الظاهر في الكل لأنّ المؤثر أظهر في آثاره منها وأولى بها منها وأوجد في مكانها منها ، ألا ترى إلى الجسم المطلق بالنسبة إلى أفراده ، فلا ترى في الأجسام العلوية والسفلية والفلكية والعنصرية سوى الجسم ، فلا ظهور إلّا للجسم ولا وجود إلّا له ، ولا حكم ولا أثر إلّا له ، فتبارك من جعل الجسم محيطا بهذه المنزلة ، وإذا كان الأمر في الجسم الذي هو أخسّ مراتب الخلق هكذا فما ظنك بأول الخلق الذي هو أقرب الخلق من الله بل هو مقامه وعلامته ، ولا شك أنّ العلامة لا تكون علامة إلّا إذا وجد فيها من ذي العلامة أثر أو آثار ، ولمّا أطلق الإمام عليهالسلام في صفة الأئمة لفظ العلامات والآيات عرفنا أنهم علامات الله من كل حيثية فيجب أن يكونوا في جميع الآثار والصفات علامته لا من حيثية واحدة ، ولا شكّ أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يثبت له هذه الصفة لكونه وعترته من نور واحد وطينة