وفي الآية إيحاء إلى أنّ ارتباطه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعلّقه بكم تعلق الرسالة والنبوة وأنّ ما فعله كان بأمر من الله سبحانه (١).
مضافا إلى وجود فرق بين النبي والرسول ، خلاصته :
أنّ النبي هو الإنسان الموحى إليه من الله بإحدى الطرق المعروفة ، وأما الرسول فهو الإنسان القائم بالسفارة من الله بإبلاغ قول أو تنفيذ عمل ، وإن شئت قلت :
النبوة منصب معنوي يستدعي الاتصال بالغيب بإحدى الطرق المألوفة ، والرسالة سفارة للمرسل (بالفتح) من جانبه سبحانه لتنفيذ ما تحمله منه في الخارج أو إبلاغه إلى المرسل إليهم ، ولأجل هذا يقترن لفظ الوحي بلفظ «النبيين» ويقول سبحانه (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) (النساء / ١٦٤).
«ولو فرض أنه أوصد باب النبوة وختم نزول الوحي إلى أي إنسان كما تصرّح به لفظ «خاتم النبيين» فعند ذاك يختم باب الرسالة الإلهية أيضا بلا ريب ، لأنّ الرسالة لا تهدف سوى تنفيذ ما يتحمله النبي من جانب الله عن طريق الوحي فإذا انقطع الوحي والاتصال بالمبدإ الأول والاطلاع على ما عنده لا يبقى موضوع للرسالة أبدا ، فإذا كان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتما للنبيين أي مختوما به الوحي والاتصال فهو خاتم الرسل والمرسلين قطعا ، لأنّ رسالة الإنسان من جانب الله سبحانه ، عبارة عن بيان أو تنفيذ ما أخذه عن طريق الوحي فلا تستقيم رسالة أي إنسان من جانبه سبحانه إذا انقطع الوحي والاتصال به تعالى»(٢).
الإشكال الثاني :
كيف يكون سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر الأنبياء ، في حين يقول المسلمون أن عيسىصلىاللهعليهوآلهوسلم ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان؟
والجواب :
معنى كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر الأنبياء يعني أنه لا ينبّأ أحد بعده بالوحي التشريعي ، أما الوحي التسديدي فلا مانع منه في حق عيسى عليهالسلام وغيره من الأولياء المطهّرين ، وعيسىعليهالسلام حين نزوله يكون عاملا بشريعة سيد المرسلين محمد
__________________
(١) تفسير الميزان : ج ١٦ ص ٣٢٥.
(٢) معالم النبوة : ص ١٣٦ للسبحاني.