الإتيان بمثله تعجيزا لهم عمّا كانوا قادرين عليه (١).
«وقد احتمله الطوسي والعلّامة أيضا» (٢).
والجواب :
١ ـ لو كان إعجاز القرآن بالصرفة لوجد في كلام العرب السابقين مثله ، قبل أن يتحدى البشر ، ويطالبهم بالإتيان بمثل القرآن ، ولو وجد ذلك لنقل وتواتر ، لتكثّر الدواعي إلى نقله ، وإذ لم يوجد ولم ينقل كشف ذلك عن كون القرآن بنفسه إعجازا إليها ، خارجا عن طاقة البشر (٣).
٢ ـ إنّ القول بالصرفة يثبت كونه تعالى عاجزا عن الإتيان بما يفوق قدرة البشر على الإتيان بمثله ، مع أنّ قدرته تعالى فوق كل مقدور.
هذا الجواب (٤) من أفضل الأجوبة على الإطلاق في ردّ الصرفة ، لأنّ الله تعالى حينما تحدّى الجن والإنس ، تحدّاهم وهو يعلم عزّ شأنه عجزهم وقصورهم الذاتي في أن يأتوا بمثله ، مضافا إلى أن التحدي لم يكن مقتصرا على الجانب البلاغي والفصاحتي وإنما يشمل كل جوانب الغيب وأسرار الخلقة ، ففي كل آية من آيات الكتاب هناك عدة جوانب إعجازية لا يمكن للبشر أن يحيطوا بها والإلمام بمتعلقاتها.
٣ ـ لو كان العرب قادرين على معارضته ، فلما ذا اندهش الوليد بن المغيرة عند ما سمع ما ألقاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لقد سمعت من محمد كلاما لا يشبه كلام الإنس والجن ، ولما ذا ارتمى عتبة بن ربيعة مدهوشا مبهوتا ملقيا يديه وراء ظهره متكيا عليهما ، مشدّقا بفيه ، مصعوقا عند ما سمع بعض آيات القرآن من النبي.
فلو كانت فصاحة القرآن وبلاغته على نمط كلام الآخرين من فصحاء العرب وبلغائهم ، فلم اهتزوا وتأثروا بسماع بعض آياته ، ولم تكن لهم هذه الحالة في سماع شعر امرئ القيس ولا عنترة ولا غيرهما من أصحاب المعلقات (٥).
__________________
(١) شرح التجريد : ص ٣٨٥.
(٢) شرح التجريد : ص ٣٨٥ والاقتصاد : ص ٢٧٧.
(٣) البيان في تفسير القرآن للخوئي : ص ٨٣.
(٤) هذا الجواب ألهمني إياه علّام الغيوب وله المنّة والفضل.
(٥) الإلهيات : ج ٢ ص ٣٢٨.