قال المصنّف :
أما الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية ، فنحن قبل التصديق بالقرآن الكريم ، أو عند تجريد أنفسنا من العقيدة الإسلامية لا حجة لنا لإقناع نفوسنا بصحتها ، ولا لإقناع المشكّك المتسائل ، إذ لا معجزة باقية لها كالكتاب العزيز ، وما ينقله أتباعها من الخوارق والمعاجز للأنبياء السابقين فهم متهمون في نقلهم لها أو حكمهم عليها ، وليس في الكتب الموجودة بين أيدينا المنسوبة إلى الأنبياء (كالتوراة والإنجيل) ما يصلح أن يكون معجزة خالدة تصحّ أن تكون حجة قاطعة ودليلا مقنعا في نفسها قبل تصديق الإسلام لها.
وإنما صح لنا ـ نحن المسلمين ـ أن نقرّ ونصدّق بنبوة أهل الشرائع السابقة ، فلأنا بعد تصديقنا بالدين الإسلامي كان علينا أن نصدّق بكل ما جاء به وصدّقه ، ومن جملة ما جاء به وصدّقه نبوة جملة من الأنبياء السابقين على نحو ما مرّ ذكره.
وعلى هذا ، فالمسلم في غنى عن البحث والفحص عن صحة الشريعة النصرانية وما قبلها من الشرائع السابقة بعد اعتناقه الإسلام لأنّ التصديق به تصديق بها ، والإيمان به إيمان بالرسل السابقين والأنبياء المتقدمين ، فلا يجب على المسلم أن يبحث عنها ويفحص عن صدق معجزات أنبيائها ، لأنّ المفروض أنه مسلم قد آمن بها بإيمانه بالإسلام ... وكفى.
نعم لو بحث الشخص عن صحة الدين الإسلامي فلم تثبت له صحته ، وجب عليه عقلا ـ بمقتضى وجوب المعرفة والنظر ـ أن يبحث عن صحة دين النصرانية ، لأنه هو آخر الأديان السابقة على الإسلام ، فإن فحص ولم يحصل له اليقين به أيضا وجب عليه أن ينتقل فيفحص عن آخر الأديان السابقة عليه ، وهو دين اليهودية حسب الفرض ، وهكذا ينتقل في الفحص حتى يتم له اليقين بصحة دين من الأديان أو يرفضها جميعا.
وعلى العكس فيمن نشأ على اليهودية أو النصرانية ، فإنّ اليهودي لا يغنيه اعتقاده بدينه عن البحث عن صحة النصرانية والدين الإسلامي ، بل يجب عليه النظر والمعرفة بمقتضى حكم العقل ، وكذلك النصراني ليس له أن