بمعنى المشقة على اختلاف القراءتين ، فلو «قرئ بالفتح «الجهد» يعني المشقة وبالضم «الجهد» يعني الوسع والطاقة» (١).
فالمجتهد يبذل أقصى وسعه ، ويتحمّل المشقة والتعب في سبيل تحصيل الحكم الشرعي من أدلته التفصيلية الأربعة المقررة وهي :
الكتاب الكريم ـ السنة المطهّرة المتمثلة بأحاديث النبي وعترته الصادقة ـ الإجماع ـ العقل.
وتحصيل الحكم الشرعي من الأدلة ليس قطعيا تماما كتحصيل المعصوم عليهالسلام للحكم ، وإلّا لما اختلف الفقهاء فيما بينهم بأحكام متعددة على موضوع واحد ، مع أن حكم الله تعالى واحد لا يتبدل باختلاف المجتهدين وأرباب النظر ، لذا أحسن التعاريف لكلمة «مجتهد» هو أن يقال :
«إن المجتهد هو من استفرغ وسعه لتحصيل الظن بالحكم الشرعي».
والمراد ب «الظن» هنا الظن الخاص الذي قامت الحجة على اعتباره فيكون العمل في الحقيقة بتلك الحجة لا بالظن.
أما متعلق «الظن» فهو الظن بالحكم الواقعي لأنّ المجتهد عند ما يستفرغ وسعه لتحصيل الدليل على مسألة ما ، فإن ذلك قطعيّ عنده ظاهرا ، وظنيّ واقعا ، لذا قيل : «المجتهد إذا أصاب فله أجران ، وإذا أخطأ فله أجر واحد».
والمقصود : أنّه إذا أصاب الواقع بما حصّله من أدلة ، فله أجر المشقة وأجر تحصيل الواقع ، وإن أخطأه فله أجر المشقة لا غير.
وهذا المعنى للاجتهاد مما تفرّدت به الإمامية ، بعكس باقي المسلمين حيث باب الاجتهاد عندهم مقتصر على أئمة المذاهب الأربعة دون غيرهم ممن له أهلية النظر ، ومع هذا فإن سدّهم لهذا الباب يترتّب عليه أمران :
الأول : تجميد حركة الفكر وتطوره في حركة التشريع الإسلامي وما يستجد من مسائل في حركة الصراع بين الإسلام والمبادي الأخرى.
الثاني : إماتة فتاوى بقية المجتهدين المتأخرين عن الأربعة الأوائل.
والأفضل أن لا يكتب لها الحياة لابتناء أكثرها على القياس والاستحسان كما هو دأب فتاوى الأئمة الأربعة عندهم.
__________________
(١) لسان العرب : ج ٣ ص ١٣٣.