وهناك توجيهات عدة للعلة التي من أجلها لا يقتدى بابن الزنا بالمناصب الاجتماعية الدينية كإمامة الصلاة ومنصب القضاء وقبول الشهادة ونحوها ، وليست من باب العقوبة عليه لجريرة وإنما لمصالح منها :
أ ـ زجر الناس عن الأعمال المحرّمة وإبعادهم عنها بحيث إذا سمع أن ابن الزنا منبوذ من المناصب الدينية الهامة فلعله يرتدع عن عمله وقبيح فعله فيترك الزنا رحمة بالوليد.
ب ـ أن المكوّنات الخلقية الأولى للفرد لها تأثير على كيانه المعنوي كالنطفة التي خلق منها والحليب الذي شرب منه والأم التي حملته كل ذلك له تأثير معنوي على تكوين الفرد النفسي والروحي تماما كمن يأكل الحرام والشبهة فإن لهما تأثيرا عظيما على الروح والقلب فيسبّبان الظلمة والكدورة مما يؤديان إلى سلب الهداية الخاصة أو عدم التوفيق لها ، فكذا ابن الزنا ، فإنه نتيجة حتمية لما زرع الوالدان من القبح والسوء ، تماما كمن لم يوفق للهداية المعنوية نتيجة ما ارتكبه من حرام جرّه على نفسه ، ولا شيء أقبح من أن يظلم الإنسان نفسه.
وهناك تفسيرات أخرى كشحنا عنها صفحا روما للاختصار.
إذن فالمجتهد هو الفقيه الجامع لهذه الشرائط ، وإذا شك المكلّف في شرطية شرط ما في مجتهد ما وجب عليه الفحص ليحرز ذمته بتقليده له.
وكل من اجتمعت فيه هذه الشروط والصفات صار مصداقا لما ورد عن مولانا الحجة المنتظر صاحب الزمان روحي فداه قال :
«وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (١).
والمجتهد العادل له ولاية على كل ما يمت إلى الشريعة بصلة ، إذ لا يحق لغيره الجاهل بأمور الشريعة أن يتصرف بأمور العباد الدينية والدنيوية ، فإن ذلك من مختصات العالم بالدين المأمون على الأموال والأنفس والأعراض.
وقد وقع الخلاف على ولاية الفقيه العامة على رأيين :
الأول : لمشهور الفقهاء القائلين بعدم الولاية العامة ، وإنما للفقيه ولاية خاصة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٨ ص ١٠١ ح ٩.