لقوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) ، وإطلاق الآية الكريمة يشمل جميع أنواع الظلم ومراتبها ، إلّا إذا كان الظلم على نحو لا يعتنى به لدى عرف المتشرّعة ولا يحصل منه إيذاء ، فالآية المباركة منصرفة عنه.
ولا فرق في ذلك بين ما كان في مجلس عامّ أو لم يكن فيه ، كما لا فرق في الظلم من أن يطرأ على المغتاب ، أو على من ينتسب إليه ، كما إذا غصب زيد دار عمرو فمات عمرو ، فيجوز لورثته غيبة زيد انتصارا لحقّهم ، وكذا لا فرق بين أن يكون الظالم حيّا أو ميّتا ، كلّ ذلك لإطلاق الآية الشريفة.
وهل تجوز الغيبة في ما لو وقع الظلم على شخص لا ينتسب الى المغتاب (بالكسر) أصلا إلّا من باب الاخوة الإيمانيّة ولم يرد إليه نفعا؟
مقتضى الأدلّة عدم الجواز إلّا من باب النهي عن المنكر إن توفّرت شرائطه.
الثالث : نصح المستشير لو استشاره شخص في أمر ذي بال كالتزويج ، وشراء عقار ، أو جعل وكيل ، أو اتّخاذ أجير وغيرها ، فيجوز نصحه ولو استلزمت الغيبة ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ابتداء ومن دون الاستشارة أو معها.
وهناك موارد اخرى مذكورة في الكتب الفقهيّة ، كالخوف على الدين ، فيجوز غيبته لئلّا تترتّب عليه مفسدة دينيّة ، أو كجرح الشهود ، وقدح المقالات الباطلة وغيرها ، ومن شاء التفصيل فليرجع الى كتابنا (مهذب الأحكام).