له وأنكره فهو شقي ، ومن رفعه عن ذلك المقام بالغلو وعظّمه بأزيد ممّا وصفه الله تعالى فهو إفراط ومعتقده كافر فهو في النار.
ثمّ إنّ الروايات الواردة عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله في فضل علي عليهالسلام فوق حدّ التواتر بكثير ، مروية بطرق مختلفة عن العامّة والخاصّة ، وليست الروايات من باب التمجيد والترغيب ، وإنّما هي من باب إظهار الحقيقة والواقع وإعلام الحقّ الساطع ، وسيأتي ما يتعلّق بها في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
وتقدّم ما في تفسير القمي في قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال : حدثني أبي عن القاسم بن محمّد عن سليمان بن داود المنقري ، عن أبي حمزة ، عن شهر بن حوشب : قال لي الحجاج : يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني ، فقلت : أيّها الأمير أية آية هي؟ فقال : قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ، والله إنّي لآمر باليهودي والنصراني فيضرب عنقه ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد ، فقلت : أصلح الله الأمير ليس على ما أوّلت ، قال : كيف هو؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة الى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملّة يهودي ولا غيره إلّا آمن به قبل موته ويصلّي خلف المهدي عليهالسلام ، قال : ويحك أنّي لك هذا؟ ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني به محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، فقال : والله جئت بها من عين صافية».
أقول : إنّ ما تقتضيه القاعدة العقليّة أنّ الأديان السماويّة النازلة بواسطة الأنبياء عليهمالسلام على وجه هذه البسيطة ، إنّما هدفها إنقاذ البشرية من الشقاء والعذاب وسوقها إلى السعادة وترقيتها ؛ للوصول الى أسمى الفضائل ومنتهى الكمال اللائق من الربّ الجليل في إفاضته على من يعمّرها ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٦٦] ، فإن لم يكن كذلك تكون الغاية حينئذ ناقصة والنقص في تعالى مستحيل ، فالغاية لا بدّ منها.
وهذا الهدف تحقّق في عصر النبي صلىاللهعليهوآله مع ما طرأ عليه من الكدر والاتعاب