تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [سورة المائدة ، الآية : ١١٦] ، فيكون الثلاثة الله ، وعيسى ، ومريم ، ولعلّ هذا الاعتقاد هو الأساس للاعتقاد الأخير في الأقانيم الثلاثة. وسيأتي في البحث العقائدي تفصيل الكلام إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ).
أي : انتهوا عن مقالتكم الدالّة على الشرك واتّصاف الله تعالى بصفات المخلوقين أو اتّصافهم بصفات الخالق ، فإنّ هذا الانتهاء خير لكم في الدنيا والآخرة ، وإنّ الخير أن تؤمنوا بالله الواحد الأحد المنزّه عن مجانسة المخلوقين وعمّا لا يليق به ، وتؤمنوا برسله المبعوثين لهداية البشر.
قوله تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ).
بعد أن نفى مقالة النصارى وبيّن الإيمان الصحيح وردف عزوجل ذلك بالنهي عن ما يوجب الشرك وما يصادم المعقول ، أكّد ذلك بأنّ الله تعالى واحد ليس له أجزاء ، فهو واحد بالذات منزّه عن التعدّد مطلقا. وفي ذلك ردّ على مقالتهم الّتي تدلّ على التعدّد.
قوله تعالى : (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ).
السبحان مفعول مطلق لفعل محذوف ، أي : «أسبحه تسبيحا وسبحانا» ، ويتعدّى ب (من) و (عن) ، وهو منصوب بنزع الخافض.
والمعنى : تنزّه وتقدّس عن أن يكون له ولد ، كما تقوله النصارى في المسيح إنّه ابنه ، فإنّه ليس كمثله شيء ، ولم يكن له جنس يقترن به ليكون زوجا له ، فتلد له ابنا.
وإنّما ذكر عزوجل لفظ الولد دون الابن الّذي يذكرونه في كلماتهم ؛ للدلالة على أنّ الولد إنّما يكون مولودا من أب وأم واقتراب منهما بالنكاح ، وكلّ ذلك محال على الله تعالى.
الآية المباركة تدلّ على التعظيم والتنزيه. وذلك يستلزم التقديس.