تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، ومع ذلك فقد ذكر عزوجل في هذه الآية الشريفة أمورا ثلاثة تدلّ على التوحيد ، ونفي الشرك ، ونفي كون المسيح ابنا له.
منها : قوله تعالى : (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) ، فإنّه يدلّ على انتفاء الولد مطلقا واستحالته عليه ؛ لأنّ الولد يماثل أبيه في سنخ ذاته ؛ لأنّه متكوّن منه ، وهذا يدلّ على الإمكان والحدوث ونسبة صفات المخلوقين له ، وهو منزّه عنها لأنّه أحد ، فرد ، صمد ، ليس كمثله شيء.
ومنها : قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فإنّه يدلّ على إحاطة ملكه على جميع ما سواء تعالى ، خلقا وتدبيرا وتصريفا ، واحتياجها له واستغناؤه عزوجل عنها فلا يحتاج الى الشريك والولد ، بل لا يماثله شيء من الأشياء فلا ولد له.
ومنها : قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) فإنّه يدلّ على احتياج الخلق إليه لتدبير شؤونهم وهدايتهم الى ما هو الخير لهم وإرشادهم الى سعادتهم ، فإنّ ذلك يكفي استغناءه عن الولد والشريك ، بل إنّ التفكّر في معنى الألوهيّة والربوبيّة يكون كافيا في الحكم بانتفاء الولد عنه عزوجل من دون احتياج الى برهان آخر ، ولعلّ تذييل هذه الآية الشريفة بهذا الأمر لإرجاع الإنسان الى الوجدان والتفكّر في عظمة الباري عزوجل ثم الحكم بعد ذلك ، وهذا من البراهين الاقناعيّة والأمور التربويّة الّتي اعتمد عليها القرآن الكريم لإرجاع الإنسان الى رشده ، وله الوقع الكبير في النفوس المستعصية ، وقد ذكر في مواضع متعدّدة من القرآن الكريم.
وكيف كان ، فهذه الآية المباركة تدلّ على توحيد الله تعالى وتنزيهه عمّا نسب إليه النصارى. مع أنّ الديانة المسيحيّة الصحيحة ديانة مبنيّة على التوحيد الخالص ، ولكن يد التحريف دخلت في كتبهم فحرّفت ما كان منافيا لعقيدتهم من التثليث والاتحاد والحلول ، وقد نبّه القرآن الكريم الى ذلك وبرّأ عيسى بن مريم من قول اليهود والنصارى ، قال تعالى : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [سورة مريم ، الآية : ٣٤] ، وفي المقام نهى سبحانه وتعالى عن قول