لَكُمْ) وغيرهما من الآيات الشريفة ، فيكون الكفّار مطلقا محكومين بالنجاسة أو لا تشملهم؟
الظاهر هو الثاني ؛ لأنّ عنوان الكتابي ـ من اليهود والنصارى والمجوس ـ غير عنوان المشرك ، لما فيهم نحو إضافة الى الدين أو إليه سبحانه وتعالى ونزول الكتاب بواسطة أنبيائهم ، فالكتابي والمشرك عنوانان متقابلان وإن كان بينهما عنوان مشترك ـ وهو الكفر ـ وكان بعض عقائدهم يشابه عقائد المشركين ، إلّا أنّ الأحكام مطلقا تابعة لعناوين موضوعاتها ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [سورة الحج ، الآية : ١٧] ، فأفرد سبحانه وتعالى المشركين عن اليهود والنصارى.
ودعوى : أنّ المراد من الأمم في الآية المباركة غير المنحرفة إلى الشرك ، أي دين اليهود الواقعي الّذي جاء به موسى عليهالسلام ، أو النصرانيّة الّتي جاء بها المسيح عليهالسلام.
غير صحيحة : لأنّ التخصيص بذلك تخصيص بالفرد المعدوم أو القليل جدا ، وإطلاق الآية الشريفة يشمل اليهود والنصارى الموجودين حال نزول الآية الكريمة وبعده ، وهما لا يخلوان عن الشرك كما تنصّ الآيات المباركة الكثيرة.
أو تخصيص الأدلّة الدالّة على نجاسة المشركين بالأخبار الدالّة على طهارة الكتابي وفيها الصحيح ، وتقدّم مرارا أنّ للشرك مراتب ، وأنّ الأدلّة الدالّة على نجاسة الكتابي تحمل على محامل مذكورة في الكتب الفقهيّة المفصّلة.
وأنّ الشرك الّذي محكوم بالنجاسة ، وعدم الغفران ، والضلال البعيد ، والحرمان عن الدخول في الجنّة ، ووجوب القتل إن تحقّقت شروطه ، هو الشرك العظيم الّذي هو الشرك في الذات ـ أي المعبود ـ والعبادة ، والصفات ـ أو إنكار المبدأ بالكليّة ـ فإذا لم يكن كذلك خرج عن الحكم بالنجاسة واتّصف بحكم آخر ، ولا ينافي ذلك مبغوضيّته عند الشارع.
وبالجملة : أنّ عقيدة الكتابي بالشرك لا تنافي القول بطهارتهم ـ لو قلنا بها ـ