وصفي القلب عن الشوائب ، وإلّا فدركها بالعقول المشوبة بالمادّة والنفوس المختلطة بالأوهام غير ممكن ، كما قال الشاعر :
وللعقول حدود لا تجاوزها |
|
والعجز عن درك الإدراك ادراك |
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٩٦] ، وفي بعض الدعوات المأثورة : «اللهمّ أرنا الأشياء كما هي» ، وفي الدعاء عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «اللهمّ لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدا» هذا.
ولعلّ ما ورد في كلمات المسيحيين من حلول المبدأ جلّ شأنه في المسيح مرادهم التجلّي له ، كما حصل ذلك لإبراهيم وموسى عليهماالسلام ، ولمحمد صلىاللهعليهوآله في المعراج ، وإنزال الروح الأمين على قلبه ، وانشراح صدره ، وتجاوزه قاب قوسين أو أدنى الى غير ذلك من تجلياته ، وإلّا فإنّ الحلول محال وغير ممكن كما عرفت سابقا ، ويشهد لذلك أنّ مثل هذا التعبير قد وقع في جملة من كلمات مشايخ العرفان وأكابر الصوفيّة ، ومرادهم نوع من التجلّي لا الحلول الواقعي كما هو واضح والله العالم بالحقائق والشاهد على السرائر.