ولا فرق فيه بين أن تكون وحشية ـ كبقر الوحش والظباء ـ أو أليفة ؛ لصدق العنوان عليها جميعا ، إلّا إذا خرج صنف عن هذا العنوان ، فلا تشمله الآية الشريفة ، أو ورد دليل على التحريم ـ كالموطوءة وكالجلال ـ والكراهة والبحث مذكور في الفقه ، ومن شاء فليرجع الى كتابنا (مهذب الأحكام).
والمراد من الحليّة هي حليّة أكل لحومها ، لمناسبة الحكم والموضوع الّتي هي من القرائن المعروفة الّتي يعتمد عليها العلماء ، وتقدّم مثلها في سورة البقرة آية (١٦٨) أيضا. ولأنّ الأكل هو الّذي حرّمه أهل الجاهليّة على أنفسهم لبعض الأنعام ، كما هو مذكور في سورة الأنعام.
قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ).
استثناء من الحليّة ، أي : يحلّ أكل لحوم بهيمة الأنعام إلّا ما حرّمه عزوجل في ما يأتي من الآيات الكريمة ، وما ورد في السنّة الشريفة.
قوله تعالى : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ).
حال من ضمير الخطاب في قوله عزوجل : (أُحِلَّتْ لَكُمْ) ، والصيد يحتمل المصدر والمفعول أي : المصيد ، كقوله تعالى : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [سورة المائدة ، الآية : ٩٥].
وقيل : لا يقال للشيء الصيد حتّى يكون ممتنعا ، حلالا ، لا مالك له ، ولكن ذلك كلّه من الشروط والقيود الشرعيّة ، وإلّا فإنّ الصيد هو أخذ الحيوان الممتنع بحيلة ودهاء.
وتبيّن الآية الشريفة قيدا من قيود الحكم المزبور ، فيكون تخصيصا لعمومه ، فتحرم بهيمة الأنعام الممتنع إذا كان اصطيادها في حال الإحرام ، وتبقى الحلّية في سائر الأحوال ، والمراد من محلّي الصيد أي : لا تجعلوه حلالا باصطياده أو الأكل منه.
وقيل : إنّ الجملة حال من قوله : «أوفوا» ، أو حال من ضمير الخطاب في قوله تعالى : (يُتْلى عَلَيْكُمْ). ولا يخفى بعدهما.