وأمّا كلماتهم الشريفة ، فإنّها لا تصير دليلا ما لم يبلغ حدّ الإجماع ، وقد ادّعى الإجماع على عدم قبول شهادة الولد على الأب غير واحد من الأعلام. نعم ما تقدّم يصلح للاحتياط كما ذكرناه في الفقه.
ويمكن رفع الاختلاف والجمع بين الروايات بأنّ ما دلّ على الجواز في ما إذا كان الوالد غير مبال بدينه ومتجرّ في مخالفة الأحكام الإلهيّة ، وأن شهادة ابنه عليه موجبة لإرشاده وهدايته ، وما دلّ على عدم الجواز فيما إذا كان الأب من أصحاب الوجوه والشرف وملتزما بالانقياد للأحكام الشرعيّة ، فتكون شهادة الابن على والده نحو إهانة له وخلافا لاحترامه ولا تكون من المعروف المأمور به في الكتاب والسنّة ، وهذا نحو جمع عرفي كما ذكرناه في كتاب الشهادات من (مهذب الأحكام) والحمد لله.
ولا فرق فيما تقدّم بين الأب والام ، وهل يشمل الحكم الجدّ والجدّة؟
وجهان يظهران ممّا تقدّم.
الثاني : أنّ الشهادة لا يغيّر الواقع عمّا هو عليه ـ بل الحكم الصادر من الحاكم الجامع للشرائط يكون كذلك أيضا ـ لأنّ المدار المأمور به هو الواقع الحقّ ، فإذا انكشف يسقط ما سواه ، وأنّ الشهادة طريق للوصول إليه ، وعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «أيّها الناس إنّما أنا بشر مثلكم وأنتم تختصمون ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض ، وإنّما أقضي على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له من حقّ أخيه بشيء فلا يأخذ به ، فإنّما أقطع له قطعة من النار».
الثالث : يختصّ وجوب أداء الشهادة بموارد الاستشهاد ؛ لقوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢] ، ومع عدمه فهو بالخيار في الأداء ؛ لقول أبي جعفر عليهالسلام : «إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ، إن شاء شهد وإن شاء سكت».
الرابع : لا يتوقّف تحمّل الشهادة على الاستشهاد والاستدعاء من المشهود ، فإذا سمع ما تصحّ الشهادة تقبل الشهادة ، فلو سمع الإقرار والعقد أو الإيقاع أو رأى