يحكى أنّ أصحاب الكندي قالوا له : «اعمل لنا مثل القرآن ، فقال : نعم أعمل مثل بعضه ، فاحتجب أياما ثمّ خرج فقال : والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد ، إنّي فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء ونهى عن النكث ، وحلّل تحليلا عامّا ثمّ استثنى استثناء بعد استثناء ، ثمّ أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين ، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلّا في أجلاد».
و (أوفوا) من أوفى وهو ووفّي لغتان بمعنى واحد ، وقد جمعهما الشاعر في قوله :
أما ابن طوق فقد أوفى بذمّته |
|
كما وفى بقلاص النجم حاديها |
وذكرنا في التفسير أنّهما وردا في القرآن الكريم.
والبهيمة : اسم جنس يطلق على ذوات أربع ، والأنعام جمع نعمة ، والمراد بها الإبل ، والبقر ، والغنم ، وهي الثمانية الأزواج الّتي وردت في سورتها كما ذكرنا في التفسير.
وفي مفردات الراغب : «والنّعم مختصّ بالإبل ، وجمعه أنعام ، وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم (أي العرب) أعظم نعمة ، لكن الأنعام تقال للإبل والبقر والغنم أو المعز ، ولا يقال لها أنعام حتّى يكون في جملتها الإبل».
والاستثناء في قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) متّصل من بهيمة ، وقيل من فاعل (يتلى).
و (غير محلّي الصيد) قيل : إنّه استثناء ممّا يليه من الاستثناء. وذهب بعضهم إلى أنّ انتصاب (غير) على الحاليّة من ضمير (لكم) ، كما تقدّم في التفسير فراجع ، وذكروا أيضا وجوها اخرى لا تخلو عن المناقشة ، و «محلّي» أصله (محلّين الصيد) حذفت النون بالإضافة.
و (الهدي) في قوله تعالى : (وَلَا الْهَدْيَ) قرئ مخفّفا كما هو لغة أهل الحجاز ، وقرئ مثقّلا (الهديّ) كما هو لغة تميم ، وقد قرئ بهما. وواحد الهدي هدية كما أنّ واحده بالتثقيل هديّة وجمع المخفّف إهداء.
و (آمين) في قوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) اسم فاعل ، ووجه