فتشمل كلّ الروابط الاجتماعيّة كالعهود والعقود والإيقاعات ، لفظيّة كانت أو كتبيّة حتّى الأخلاقيّة ، إلّا إذا نهى الشارع عنها.
وفي الحديث : «انّ عجوزا دخلت عليه صلىاللهعليهوآله فسألها فاحفى وقال : إنّها كانت تأتينا في زمن خديجة ، وإنّ كرم العهد من الإيمان».
أقول : لا شكّ أنّ ذلك من مكارم أخلاقه وسمو صفاته ومن أدبه الرفيع الّذي اختصّ به ؛ لأنّه ادّبه ربّه ، وبهذه السجايا الحميدة فاز على جميع الأنبياء والرسل.
ولعلّ ذلك كان إكراما لشأن خديجة (سلام الله تعالى عليها) ، فإنّ لها المنزلة العظيمة عند رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي أم الزهراء ، وأم الائمة الأطهار ، وأم المؤمنين ، فإنّها كانت تحميه في زمن الشدّة والكربة والغربة ، ففي صحيح البخاري ومسلم ـ كما في ينابيع المودّة للشيخ سليمان الحنفي القندوزي ـ بإسنادهما عن عائشة قالت : «ما غرت على أحد من نساء النبي صلىاللهعليهوآله مثل ما غرت على خديجة وما رأيتها ، ولكن كان النبي صلىاللهعليهوآله يكثر ذكرها وربّما ذبح الشاة ثمّ يقطعها أعضاء ثمّ يبعثها في صدايق خديجة (عليها وعلى ابنتها السلام) فقلت له : لم تكن في الدنيا إلّا خديجة؟! فيقول صلىاللهعليهوآله : إنّها كانت حبيبة لي وكانت عاقلة وكان لي منها ولد» ، وزاد مسلم في صحيحه : «وانّي قد رزقت حبّها».
وكيف كان ، فالرواية تدلّ على أنّ الوفاء بالعهد من دعائم الإيمان.
وفي الدرّ المنثور في قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) عن قتادة قال : «بالعهود وهي عقود الجاهليّة الحلف».
أقول : مقتضى القواعد الفقهيّة أنّ عقود الجاهليّة مطلقا يجب الوفاء بها إلّا إذا أبطلها الشارع الأقدس كالعقود الربويّة مثلا أو رفع عنها الوجوب ، وتساند ذلك الإطلاقات والعمومات ، كما يجب على الكفّار الوفاء بها أيضا لتكليفهم بالفروع كتكليفهم بالأصول.
وفي تفسير القمّي بسنده عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عقد عليهم