فقيل : إنّه زمان ظهور الإسلام ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين صلىاللهعليهوآله ودعوته الى التوحيد ونبذ الأنداد ، فيكون المراد من قوله تعالى : أنّ الله أنزل إليكم الإسلام ، وأكمل لكم الدين ، وأتمّ عليكم النعمة ويأس الكفّار من دينكم فلا تخافوهم بعد ذلك.
وأشكل عليه بأنّه يلزم من ذلك أن يكون للمسلمين دين قبل الإسلام كان المشركون يطمعون فيه ، ويخشى المسلمون منهم على دينهم ، فأيأس الله الكافرين بإكمال دينهم وإتمام نعمته عليهم كما هو ظاهر سياق الآية المباركة ، وهو خلاف الوجدان ، فإنّه لم يكن لهم قبل الإسلام دين يطمع فيه الكفّار أو يكمله الله ويتمّ نعمته عليهم.
وقيل : إنّ المراد به ما بعد فتح مكّة ، فإنّه اليوم الّذي أبطل الله تعالى كيد المشركين وأذهب شوكتهم وهدم بنيانهم ، فانقطع رجاؤهم فلم يخفهم المسلمون على دينهم ولا على أنفسهم.
ويرد عليه : أنّ الآية المباركة تدلّ على كمال الدين وإتمام النعمة وفي ذلك اليوم لم يكمل الدين ولم تتم النعمة بعد ، وقد فرضت كثير من الشرائع والأحكام وأنزلت عدد من الفرائض بعد يوم الفتح.
مع أنّ الآية الشريفة تدلّ على ايئاس جميع الكفّار من هذا الدين ولم يكن كذلك بعد يوم الفتح ، إذ أنّ بعض العادات السيئة والشرائع الفاسدة كانت موجودة عندهم حتّى بعث فيهم النبي صلىاللهعليهوآله من أبطل تلك العادات السيئة والشرائع الفاسدة.
وقيل : إنّ المراد به ما بعد نزول سورة البراءة من الزمان حيث انبسط الإسلام على جزيرة العرب وعفيت آثار الشرك ، وماتت سنن الجاهليّة ، فلم يكن يخش المسلمون من كيدهم ، وقد أبدلهم الله تعالى من بعد خوفهم أمنا يعبدونه ولا يشركون به شيئا.
ويرد عليه ما أورد على سابقه ، فإنّ الإسلام وإن أمن من مكرهم وانبسط على الجزيرة وانقبرت سنن الجاهليّة ، إلّا أنّ الدين لما يكمل بعد ، وقد نزلت فرائض