أنّها مترابطة ومتكاملة ، ويعتبر كلّ واحد منها نعمة على الإنسان ، كما يدلّ عليه ما ورد في تشريع الوضوء والتيمم في قوله تعالى : (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) [سورة المائدة ، الآية : ٦].
كما أنّ كلّ واحد من تلك الأحكام يكون اللاحق منها مكملا للسابق وكمالا له ، ويعدّ كلّ تشريع من التشريعات الإلهيّة دعامة من دعامات هذا الدين ، وسببا في تقويته وتثبيته ومنعته وصدّه لكيد الكافرين ومكرهم الّذين ما برحوا في تفويض هذا البنيان المنيع وإطفاء نور الله تعالى ، ولهم في ذلك أساليب مختلفة كما حكى عزوجل في القرآن الكريم وحذّر المؤمنين من كيدهم ومكرهم وخدعهم.
وكان من جملة ما توسّلوا به في زعزعة هذا الدين هو افتتان المؤمنين وبثّ النفاق بينهم وإفساد دينهم بإلقاء الشبه والشكوك في نفوسهم ، وقد تصدّى الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله لدفع جميع ذلك وردّ كيدهم بوحي من السماء وإمداد ربوبي ، فعاش فيهم ثلاثا وعشرين سنة يكابد المحن ويكافح أعداء الدين ويجاهد مع المنافقين ، ويمدّه عزوجل بتوجيهات وإرشادات وينزل من الأحكام ما تطمئن نفسه الشريفة ونفوس المؤمنين ، حتّى نما الإسلام وقويت شوكته ودخل المشركون في هذا الدين وانمحت آثار الشرك من الجزيرة وعلت كلمته وظهر على الدين كلّه وإن كره الكافرون ، إلّا أنّه صلىاللهعليهوآله وإن أمن من كيدهم في حال حياته ، ولكنّه لم يأمن منهم بعد رحيله وغيابه عن جماعتهم ، وكان من أهمّ ما كان يمنّي أعداء الدين أنفسهم هو الانقضاض على هذه الشجرة الطيبة بعد موته صلىاللهعليهوآله ، فكانوا يفترون عزيمة النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين بشتى السبل ، منها أنّهم كانوا يقولون : إنّ هذا النبي صلىاللهعليهوآله أبتر ليس له عقب يحفظ له دينه بعد موته ، وسينقطع أثره ويموت ذكره ولا يبقى دينه كما هو المشهود في موت الملوك والسلاطين ، فكان هذا الأمر من أهمّ ما كان يساور النبي صلىاللهعليهوآله ويهمه ويقلق باله. ولعلّه كان يرى أنّ هذا الدين لو بقي كذلك من دون أن يكون في البين تشريع يحفظه بعد ارتحاله صلىاللهعليهوآله يكون ناقصا ، وكان يخشى الكافرين أعداء هذا الدين من الانقضاض عليه مرّة اخرى وإفساده