عظيم يتضمّن البشرى للمؤمنين بحفظ دينهم عن تلاعب أيدي الّذين كفروا ، وهو يشمل اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم.
وأمّا الآية الاخرى فيختصّ الحكم فيها بأهل الكتاب ، كما أنّ الحكم في المقام تكويني ، بينما يكون الحكم في الآية التالية تشريعي إرفاقي ، فيستفاد من جميع ذلك عظمة الحكم الوارد في المقام وأهميّة اليوم الّذي شرّع فيه ذلك الحكم.
ومنها : أنّه ورد بعض الروايات في المقام الّذي يدلّ على أنّ الآية نزلت يوم غدير خم في أمر ولاية علي عليهالسلام ، كما ستعرف.
ومنها : قوله تعالى في الآية الكريمة : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) الدال على النهي عن الخشية منهم. والظاهر أنّ النهي إرشادي ، لا أن يكون مولويا ، بمعنى ارتفاع الموجب عن الخشية بعد يأس الّذين كفروا من التعرّض لدينكم ، فلا بدّ أن تكون الخشية من الله تعالى فقط في عدم التعرّض لما يوجب سخطه وعقابه.
ومن البديهي أنّ الخشية منه عزوجل واجبة على كلّ تقدير من غير أن تكون في وقت خاصّ أو حالة مخصوصة ، فإنّ ذلك يشعر بأنّ الخشية المأمور بها في المقام هي خشية خاصّة ، وهي الّتي كانت حاصلة من الأعداء بالنسبة الى دين الله تعالى ، وبعد أن أيأسهم الله تعالى وأمن المؤمنون ، فلا موجب للخشية منهم ، ويجب على المؤمنين توجّه خشيتهم الى الله تعالى لئلّا يقعوا في ما يوجب غضبه والانتقام منهم.
ولا تخلو الآية المباركة من التهديد والتحذير للمؤمنين كما هو واضح من سياقها.
قد يقال : إنّ قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) يكون مثل قوله تعالى : (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٧٥] ، فكلّ ما يقال فيه يقال في المقام أيضا.
ويرد عليه : بأنّ الحكم في الآية الشريفة الثانية مولوي مشروط بالإيمان ، ويكون مفادها أنّه لا يجوز للمؤمنين أن يخافوا الكافرين لا على دينهم ولا على