العقد ، لا للاحتراز ، فإنّ إيتاء الأجور واجب في نكاح الإماء أيضا كما تقدّم في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة النساء ، الآية : ٢٥] ، إلّا أنّ الفرق بين نكاح الحرائر والإماء أنّ في الأوّل يعطي المهر لنفس المرأة ، وفي الثاني يعطي لمولاها.
وكيف كان ، فالقول باختصاص الحكم في الآية الشريفة بالمحصنات العفيفات الحرائر من أهل الكتاب من غير شمول لملك اليمين خلاف ظاهرها.
قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ).
بيان لوجه من وجوه الحكمة في تشريع هذا الحكم ، وهو تحصين النفس بإعفافها بالنكاح وجعلها في حصن منيع يمنعها من الوقوع في السفاح وارتكاب الفاحشة جهرا أو خفاء ، وتقدّم الكلام في ذلك فراجع.
قوله تعالى : (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ).
الخدن : الصديق يقع على الذكر والأنثى على حدّ سواء ، وتقدّم الكلام فيه في سورة النساء. وذكرنا أنّ المراد به نفي جميع ما يوجب الوقوع في الفاحشة والحرام ، فإنّ الغرض من هذا التشريع هو الحدّ من الوقوع في مزالق الهوى والحشر مع النساء والاسترسال في حبّهن والغرام بهنّ ، فإنّ في ذلك تفكيك للقواعد المحكمة الّتي بني عليها الاجتماع وقدح نار الشهوة وغلبة فساد المحصنات اللاتي من أهل الكتاب على صلاح المؤمنين وتميع أخلاقهم الكريمة ، والوقوع في الفتنة الّتي اهتمّ الإسلام بسدّ الذرائع إليها ؛ لأنّها من أهمّ ما يفسد الأخلاق والاجتماع ، فإنّ الوقوع في تلك المهلكات خلاف المنّة الّتي امتن بها على المؤمنين في هذا التشريع ، الّذي كان الهدف منه التسهيل والتخفيف على المؤمنين ، وليكون سببا في انتشار معارف الإسلام ، وتثبيت كلمة التقوى ، وبثّ الأخلاق الفاضلة الّتي أمر بها الإسلام