المؤمنين إليكم بأن خذلناهم وألقينا عليهم ما أوجب ضعف قلوبهم والحدّ من صولتهم.
ويمكن أن يكون المراد : ألم نكن سببا في غلبتكم على المؤمنين ونمنعهم منكم بتخذيلهم. والمعنيان متقاربان.
وكيف كان ، فقد عبّر عزوجل عن ظفر المؤمنين بالفتح ، وفي الكافرين بالنصيب ؛ اهتماما بشأن المؤمنين وتعظيما لما أصابوه من الفتح وإهانة للكافرين وتحقيرا لحظّهم ، وبشارة للمؤمنين بأنّه سيكون لهم الفتح على الكافرين ، وأنّه وعد منه عزوجل لهم ، وإن كان في البين ظفر للكافرين عليهم فإنّه لم يكن فتحا بل مجرّد استيلاء لم يكن دائميا سيزول وينطفئ ضياؤهم ، فإنّه لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ، فيهدم كيانهم ويبطل معالمهم ، ولعلّ قوله تعالى في المقام إشارة الى ما سيأتي من قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ، والمراد من الآية الشريفة نفي الجعل الإلهي كما في قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ٣٢] ، فلا تنافي ثبوت الولاية موقتا ؛ لأنّها حاصلة من بعض أعمال المؤمنين وبعدهم عن الحقائق والواقعيات.
قوله تعالى : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
الخطاب يشمل كلتا الطائفتين تغليبا أو على الحذف ، أي : بينكم وبينهم.
والمعنى : أنّ الله تعالى يفصل بين المؤمنين والمنافقين والكافرين يوم القيامة الّذي هو يوم الفصل بين المحبّين الموالين لله تعالى ، وبين المنافقين المعادين له عزوجل ؛ فيثيب أحباءه ويعاقب أعداءه ، وإنّما خصّ التفصيل والحكم بينهم بالآخرة ؛ لأنّ المنافقين في الدنيا قد حقنت دماؤهم بالإسلام ظاهرا ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «فإذا قالوا ـ أي كلمة لا إله إلّا الله ـ فقد عصموني دماءهم وأموالهم».