أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٧] ، فراجع هذا بالنسبة الى كسب الكمال واكتساب المكارم والتحلّي بالفضائل.
وأمّا ما يتعلّق بما يضاد تلك من مساوئ الأخلاق ورذائلها ، فإنّ القرآن الكريم قد عدّ جملة منها وبيّن آثارها السيئة الّتي تؤثّر في النفس والفرد والمجتمع. إلّا أنّ المستفاد من الآيات الّتي تقدّم تفسيرها أنّ النفاق يجمع كثيرا من الخصال السيئة والأخلاق الرذيلة.
ويمكن القول بأنّ الآيات الشريفة تدلّ على أنّ النفاق والتقوى على طرفي النقيض في مساوئ الأخلاق ومكارمها ، فقد ذكر عزوجل جملة من الصفات السيئة الّتي اتّصف بها المنافقون ، الّتي تعدّ من أمهات الأخلاق السيئة وإليها ترجع سائرها ، وهي :
الاولى : التذبذب في الإيمان ، والترامي في الكفر وانهماكهم فيه لطول انسهم به ، ويعتبر الكفر والشرك من أعظم الرذائل وأخسّها ، قال تعالى حاكيا عن لقمان : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [سورة لقمان ، الآية : ١٣] ؛ لأنّ الكفر والشرك خروج عن ناموس الفطرة ، وهدم للقاعدة الّتي يمكن أن يعتمد عليها الإنسان في حياته الأخلاقيّة.
الثانية : موالاة الكافرين الّذين هم أعداء الحقّ ؛ لأنّ فيها الإعراض عن تهذيب النفس بالاعتماد على إنسان تغلّب عليه الشرّ والتماس النفع المادي والمعنوي منه ، وهي مع كونها في نفسها سيئة كبيرة ورذيلة أخلاقية ، تستلزم سلب الثقة عن الله تعالى ، والاستهتار بالقيم الأخلاقيّة ، وتذليل للنفس الّتي جعلها الله أبية ذات عزيمة وإرادة.
الثالثة : الاستهزاء بآيات الله تعالى وتعاليمه المقدّسة ، فإنّه يبعد الإنسان عن منبع الكمال ومصدر الاتقاء. وكيف يمكن لأحد أن يلتمس خيرا من شيء هو يستهزأ به. وفي هذا هدم للإنسانيّة الّتي تبتني على قواعد حكمية واصول قويمة.
الرابعة : المخادعة مع الله تعالى في إظهار الإيمان في مجالس المؤمنين ، وهو