رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثناء والعمل الصالح ، فلا تقبله منه فكذّبه فقد ظلمك».
أقول : إمّا عدم القبول لعدم الحقيقة ونفي الواقع ، وإمّا تكذيبه لإرشاده الى الواقع ، والمراد من قوله عليهالسلام : «فقد ظلمك» ؛ لأنّه قال فيك ما ليس فيك ، فإنّه يوجب حبّ الثناء والمحمدة ، ويعتبر ذلك عند علماء الأخلاق أم الفساد وأصل المهلكات ؛ لما يستلزم الغرور وصرف النفس عن نيل الكمال والبعد عن الحقائق والوقوع في المساوئ والضلال ، وذلك ظلم كبير.
وفي المجمع : قال في الآية المباركة : «لا يحبّ الله الشتم في الانتصار ، إلّا من ظلم ، فلا بأس له أن ينتصر ممّن ظلم بما يجوز الانتصار في الدين».
أقول : الروايات الدالّة على أنّ الله تبارك وتعالى يبغض القول السيء أو الشتم كثيرة جدا ، إلّا من ظلم بما يجوز في الدين ، فلو حصل التعدّي أو ممّا لا يجوز في الدين ، فلم يرخّصه الشارع.
وفي الدرّ المنثور : «انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من دعا على من ظلمه فقد انتصر».
أقول : ورد في الروايات المستفيضة أنّ دعاء المظلوم لا يرد ، وأنّها تخرق الحجب السبع. وقد أخذ المظلوم حقّه ممّا يهبه سبحانه وتعالى له ؛ ولذا انتصر.
نعم آثار الاستجابة قد تتأخّر لمصالح لا يمكن دركها في عالم الإمكان إلّا لأخصّ الخواص.
وفي بعض التواريخ يحكى عن ابن السكيت (رضوان الله تعالى عليه) معلم أبناء المتوكّل : جلس معه المتوكّل يوما فجاء المعتز والمؤيد ابنا المتوكّل ، فقال له : أيّما أحبّ إليك ابناي ، أم الحسن والحسين عليهماالسلام؟ فقال ابن السكيت : والله إنّ قنبر خادم علي عليهالسلام خير منك ومن ابنيك ، فقال المتوكل العباسي : سلوا لسانه من قفاه ، ففعلوا فمات ، ومن العجب أنّه أنشد قبل ذلك للمعتزّ والمؤيد.