تنضم إليها بقية الملكات ، فالاجتهاد في الحقيقة هو الوحدة المنتظمة لجميع تلكم الملكات.
وكل واحدة من هذه الملكات أشبه ما تكون بجزء العلة لملكة الاجتهاد ، فما لم تنضم إليها بقية الأجزاء لا يتحقق معلولها أصلا ، ومع انضمام البقية تتحقق الملكة «مطلقة» وإن لم يستنبط صاحبها مسألة واحدة.
وصعوبة الاستنباط لابتناء بعض المسائل على مقدمات لا تنافي حصول الملكة في أولى مراتبها المستلزمة للقدرة على استنباط هذه الأحكام جميعا.
ونحن لا ننكر ان ملكة الاجتهاد ذات مراتب تقوى وتضعف تبعا لدرجة إعمالها كأية ملكة أخرى ، ولكننا نؤمن ـ مع ذلك ـ بأن أدنى مراتبها بعد خلقها بتوفر أسسها ومعداتها كافية لصدق الإطلاق عليها لقدرة صاحبها على استنباط أية مسألة تعرض عليه ، وان كان الاستنباط في بعضها لا يخلو من صعوبة على المبتدئ لابتنائه على مقدمات طويلة يحتاج استيعابها والتأمل فيها إلى جهد كبير.
والّذي أظنه ان الخلط بين الملكة وإعمالها هو الّذي سبب الارتباك في كلمات بعضهم. والتجزي في مقام إعمال الملكة يكاد يكون من الضروريات ، بل لا يوجد في هذا المقام اجتهاد مطلق أصلا.
ودعوى امتناعه ـ أعني الاجتهاد المطلق ـ بهذا المعنى لا تخلو من أصالة لاستحالة إعمال الملكة في جميع المسائل ، حتى التي لم توجد موضوعاتها بعد ، فاستيعاب جميع مسائل الفقه أمر متعذر على بشر عادي بداهة.
وحتى مع فرض إمكان الاجتهاد المطلق ، فالتزام صاحب الكفاية بلزوم القول بالتجزي ووجوب وجوده عادة لا يخلو من وجه لامتناع إعمال الملكة دفعة واحدة في جميع المسائل ، بل لا بد في مقام استيعابها من التدرج فيها.
وإذا تمت هذه التفرقة بين الاجتهاد كملكة ، والاجتهاد في مقام إعمالها ، اتضح