.................................................................................................
______________________________________________________
ويورث تأكيدا في ثبوت المحمول للموضوع.
وثالثا : انّ البناء على كون «ما لا يقبل الإسقاط» حقّا يستلزم تخصيص الأكثر المستهجن ، ولا مناص منه إلاّ باختصاص الحق بالمجعول الذي جاز لمن ثبت له بعض أنحاء التصرفات ، وأقلّها الإسقاط.
فتلخّص : أنّ ما لا يقبل الإسقاط ليس حقّا ، بل هو حكم ، فحقّ الأبوّة والسلام والحضانة والولاية ونحوها ممّا لا يقبل الإسقاط غير مندرجة في الحق المصطلح حتى يصح تقسيم الحق الى ما يقبل الإسقاط وما لا يقبله.
والمنافاة المذكورة ـ وهي إدراج ما لا يقبل الإسقاط في الحق ، مع تسليم قاعدة «ان لكل ذي حق إسقاط حقه» ـ باقية على حالها ، ولا يمكن دفعها عمّن التزم بها ، ثم قسّم الحقوق إلى ما لا يقبل الإسقاط وإلى ما يقبله ، فلاحظ وتدبّر.
ومنه يظهر غموض ما صنعه جمع منهم الشهيد والمصنف قدّس سرّهما من التزامهما بهذه القاعدة مع تقسيم الحق المقابل للحكم الى ما يقبل الإسقاط وما لا يقبله.
أمّا الشهيد قدّس سرّه فقد جعل الفارق بين حق اللّه وحق العبد قابلية الثاني للإسقاط دون الأوّل ، حيث قال في قواعده : «والضابط فيه : أنّ كلّ ما للعبد إسقاطه فهو حقّ للعبد ، وما لا فلا ، كتحريم الربا والغرر .. إلخ» (١). إذ ظاهر المقابلة والتمثيل لحكم اللّه تعالى بحرمة الربا أنّ ما لا يسقط بالإسقاط لا يكون من حقوق العبد ، بل من حقوقه تعالى المعبّر عنها بالحكم ، ومقتضاه الالتزام بقابلية مطلق الحقوق للإسقاط ، لكونها راجعة الى العبد وزمامها بيده. مع أنّه قدّس سرّه قسّم الحق ـ المقابل للحكم ـ من حيث القابلية للإسقاط وعدمها الى قسمين. والمنافاة كما ترى.
وأما المصنف قدّس سرّه فقد تقدم منه في المتن تقسيم الحقوق الى ما لا يقبل المعاوضة بالمال ، وما لا يقبل النقل ، وما ينتقل قهرا وينقل بالصلح ، والقسم الأوّل هو ما لا يقبل الإسقاط ، على ما استفاده محقّقوا المحشّين ، بشهادة تمثيله بحق الولاية والحضانة. وهذا التقسيم مناف لتصريحه ـ في مسقطات خيار المجلس ـ بسقوط الحق بالإسقاط ، للقاعدة المتقدمة ، قال : «و
__________________
(١) القواعد والفوائد ، ج ٢ ، ص ٤٣ ، القاعدة : ١٦١.