.................................................................................................
______________________________________________________
ينافي ما ذكروه من القاعدة المسلّمة بينهم ، وهي أنّ لكل ذي حق إسقاط حقه.
ولا يندفع هذا التنافي إلاّ بإخراج ما لا يسقط بالإسقاط ـ كحق الأبوّة والولاية وحقّ السلام ، على ما حكاه الفقيه المامقاني قدّس سرّه عن بعض المشايخ (١) ، وحق الرجوع في الطلاق الرجعي ، وغير ذلك ـ عن حريم الحق موضوعا ، وإدراجه في الحكم.
نعم من لم يلتزم بتلك القاعدة كالمحقق الأصفهاني صحّ له تقسيم الحقوق الى ما لا يسقط بالإسقاط وإلى ما يسقط به ، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.
إن قلت : إنّ تقسيم الحقوق الى ما يسقط بالإسقاط وما لا يسقط به لا ينافي تسلّم قاعدة «لكل ذي حق إسقاط حقه» لكونها من العمومات القابلة للتخصيص ، فتخصّص بالحقوق غير القابلة للإسقاط ، فكأنّه قيل : كل حق قابل للإسقاط إلاّ حق الأبوة وحقّ السلام ، وغير ذلك.
قلت أوّلا : منع كون ما لا يسقط بالإسقاط حقّا ، لإباء الروايات الدالة على الحقوق عن حملها على الحق المصطلح وهو السلطنة وتفويض الأمر والأولوية ، بل هي أحكام إلزامية أو ترخيصية أو وضعية سمّيت بالحق ، فلا تندرج في قاعدة «ان لكل ذي حق إسقاطه حقه» حتى يلتزم بالتخصيص لأجل دلالة الروايات على عدم سقوطها بالإسقاط ، بل الشك في انطباق الحق المصطلح عليها كاف في عدم جريان التخصيص في القاعدة ، لوضوح كون التخصيص إخراجا حكميا متوقفا على مصداقية الفرد الخارج بالتخصيص للعام ، وحينئذ يدور الأمر بين التخصيص والتخصص ، ويتعيّن تقديم الثاني. وعليه فلو شك في صدق الحق على ما لا يقبل الإسقاط كان مقتضى عكس القاعدة خروجه عنه موضوعا لا حكما.
وثانيا : أنه لو سلّم شمول الحق لما لا يقبل الإسقاط قلنا : إنّ قاعدة «سلطنة كل ذي حق على إسقاط حقه» من العمومات الآبية عن التخصيص ، لظهوره في علّية عنوان الحق للسلطنة على إسقاطه ، نظير قبح الظلم ، وأنه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» و«أنه لا يطاع اللّه من حيث يعصى» الى غير ذلك من العمومات الآبية عن التخصيص ، خصوصا بملاحظة ما اشتمل عليه من تقديم ما حقّه التأخير ، فإنّ تقديم الخبر على المبتدأ يوجب خصوصية في الكلام
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ١٧١.