.................................................................................................
______________________________________________________
وإن كان دليله مجملا ، فإن كان في المورد عام فوق كان هو المرجع ، كحرمة أكل أموال الناس بالباطل ، والقدر المتيقن من دليل التقييد أو التخصيص هو المارّ الآكل للثمرة ، فيبقى غيره مندرجا في عموم حرمة الأكل ، ونتيجته عدم بقاء الجواز بعد إسقاطه. ولو منع من مرجعية الآية الشريفة هنا أمكن الرجوع الى عموم النهي عن التصرف في مال الغير بدون إذنه ورضاه ، لأنه من الشك في التقييد الزائد على جواز التصرف ـ للمارّ ـ في ملك غيره.
وإن لم يكن في المورد عام فوق كان المرجع استصحاب بقاء المجعول ، ونتيجته بقاء الحق بعد إسقاطه ، بناء على حجية الاستصحاب في الشبهات الحكمية.
ومنه : ما إذا شكّ في بقاء سلطنة ولي الدم على القاتل عند إسقاط حقه من القصاص ، فمقتضى إطلاق قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً) (١) بقاء الجواز بعد إسقاطه ، لإطلاق السلطنة المجعولة لحالتي الإسقاط وعدمه.
ولو نوقش في إطلاق الآية كان المرجع استصحاب بقاء المجعول بناء على جريانه في الشبهات الحكمية ، فيترتب عليه جواز الاقتصاص بعده.
وأمّا ما أفاده السيد المحقق الخويي قدّس سرّه «من مرجعية عموم الآيات والروايات الدالة على حرمة قتل النفس المحترمة ، كقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا) (٢) وقوله عزّ من قائل وَ (لاٰ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّٰهُ إِلاّٰ بِالْحَقِّ) (٣) ، وكالروايات المتضافرة المروية في أبواب قصاص النفس (٤). وبها يثبت عدم جواز الاقتصاص بعد إسقاطه» (٥) فلا يخلو من تأمل ، فإنّ العام وإن كان حجة في غير القدر المتيقن من التخصيص بالمجمل ، كما إذا تردد الفاسق بين مرتكب خصوص الكبائر ومطلق المعصية ، فإنّ عموم «أكرم العلماء» يعيّن حكم مرتكب الصغيرة ، فيجب إكرامه ، ويكون الخارج عن
__________________
(١) الإسراء ، الآية : ٣٣.
(٢) النساء ، الآية : ٩٣.
(٣) الأنعام ، الآية : ١٥١.
(٤) راجع وسائل الشيعة ، ج ١٩ ، ص ١٠ الى ٢٠ الباب ١ و ٢ وغيرهما من أبواب قصاص النفس.
(٥) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ٤٨ و ٤٩.