.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّ تعريف البيع بالعقد شائع بين الفقهاء كما نسبه صاحب المقابس قدسسره إليهم ، قال في مقام بيان إطلاقات البيع : «رابعها نفس العقد المركّب من الإيجاب والقبول ، وهذا هو الشائع المعروف بين الفقهاء في سائر ألفاظ العقود ممّا كان منها مصدرا بصيغة الفعال والمفاعلة ، أو بمعناه كالقراض والمضاربة والمزارعة» (١). وعليه فأشهر معاني البيع ـ بل مشهورها ـ هو هذا المعنى.
وأمّا وجه العدول عن تعريفه «بالانتقال» الى تعريفه «بالإيجاب والقبول الدالّين عليه» فهو ما تقدم من كون الانتقال اسم مصدر ، وصفة للعوضين ، مع أن البيع المقصود في التعريف معنى مصدري لكونه فعل البائع ، ولا ينبغي تعريف المعنى المصدري بالمعنى الاسمي المغاير له. وهذه المسامحة لا ترد على تعريفه بالإيجاب والقبول ، لأنّ ما بيد المتعاقدين هو العقد المؤثّر في الانتقال ، لا نفس الانتقال المترتب عليهما (*).
__________________
(*) ربما يستفاد من تعبير المصنف قدسسره : «وحيث ان في هذا التعريف مسامحة واضحة عدل آخرون .. إلخ» أنّ كلّ من لم يرتض من الفقهاء تعريف البيع بالانتقال عدل إلى تعريفه بالعقد الدال على الانتقال ، مع أنّه يظهر للمتتبع في كلماتهم خلافه ، لوجود تعاريف أخرى فيها ، فعرّفه جمع بالعقد الدال على النقل ، كالمحقق في الشرائع (٢) ، والشهيد في الدروس واللمعة (٣) ، وعرّفه أبو الصلاح الحلبي بأنه «عقد يقتضي استحقاق التصرف في المبيع والثمن وتسليمهما» (٤). وعليه فلعلّ الأنسب تبديل «آخرون» ب «الجمع» بأن يقال : «عدل جمع الى تعريفه بالإيجاب والقبول ..» والأمر سهل.
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٢
(٢) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٣
(٣) الدروس الشرعية ، ج ٣ ، ص ١٩١ ، الروضة البهية ، ج ٣ ، ص ٢٢١
(٤) الكافي في الفقه ، ص ٣٥٢