من مقولة المعنى (١) ـ دون اللفظ مجرّدا ، أو بشرط قصد المعنى ، وإلّا (٢) لم يعقل إنشاؤه
______________________________________________________
ـ كما كان في الاحتمال الأوّل ـ بل بشرط أن يتأدّى باللفظ ، فإن أنشئ التمليك والتبديل باللفظ كان بيعا ، وإلّا فلا بيع. وهذا الاحتمال لم يتعرض له المصنف.
ومما ذكرناه يظهر وجه بطلان تعريف البيع بالإيجاب والقبول الدالين على الانتقال ، ضرورة كونه كسائر المعاملات ـ من الإجارة والهبة والوصية والوقف ـ من الأمور الاعتبارية المنشئة تارة باللفظ واخرى بالتعاطي ، وثالثة بالإشارة ، ورابعة بالمنابذة ، وخامسة بالكتابة ، ونحوها. ولا دخل للفظ في حقيقتها شطرا وشرطا ، إذ لو كان اللفظ مؤثّرا فيها لزم استحالة إنشائها ، لما عرفت من استحالة إنشاء لفظ بلفظ آخر ، وإنّما القابل للإنشاء هو الأمر المعنوي الذي موطنه وعاء الاعتبار ، ولا يصلح للوجود الخارجي أصلا.
وعلى هذا فإن كان البيع نفس الانتقال ـ كما عرّفه به الشيخ والعلّامة ـ أمكن إنشاؤه باللفظ كإنشائه بالفعل بناء على مملكية المعاطاة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإن كان البيع نفس الإيجاب والقبول استحال إنشاؤه ، لأنّ اللفظ موجود مقولي خارجي ، ويمتنع إنشاؤه بلفظ آخر أي بإيجاب وقبول. ولا مناص من هذا المحذور إلّا إنكار تعريف البيع بالعقد. هذا.
(١) هذا هو الوجه الأوّل ـ والمتعيّن ـ ممّا يحتمل في حقيقة البيع ، والمراد بمقولة المعنى هو الأمر الاعتباري الموجود في موطن الاعتبار ، الذي هو وعاء وجود الأحكام العقلائية والشرعية ، من التكليفية والوضعية. ولو فرض دخل اللفظ فيها فإنّما هو في مقام الإنشاء والإيجاد ، وإلّا فنفس البيع بما أنّه «مبادلة اعتبارية بين المالين» أجنبي عن اللفظ والفعل وغيرهما من آلات الإنشاء وأسبابه.
(٢) أي : وإن لم يكن البيع من مقولة المعنى ـ بل كان من مقولة اللّفظ مجرّدا عن المعنى أو مشروطا بقصد معناه ـ لزم استحالة إنشاء البيع ، لما عرفت من أنّ الإنشاء لا يتعلّق إلّا بالأمور الاعتبارية التي لا وجود لها إلّا في صقع الاعتبار كالأحكام الشرعية. ولا يتعلق الإنشاء باللفظ ، لأنّه موجود حقيقي مغاير للموجود الاعتباري سنخا ، ويتوقف وجود اللفظ خارجا