.................................................................................................
__________________
القصر والتمام. والألفاظ لم توضع إلّا لتفهيم المقاصد وما في الضمائر ، وهذا من الأفعال الاختيارية ، فما بيد المتكلم هو إبراز ما في نفسه باللفظ سواء أكان صفة راسخة فيها كالشجاعة ، أم اعتبارا ـ كالملكية والزوجية والرقية ونحوها من الاعتبارات الشرعية أو العقلائية ، فإنّ إيجاد تلك الاعتبارات في وعاء الاعتبار بيد معتبرها من الشارع أو العقلاء.
وعليه فمقتضى عدم اختياريّة تلك الاعتبارات للمتكلم ، وكون الألفاظ مبرزة للمعاني المقصودة ـ حيث إنّ الغرض من وضع الألفاظ هو المبرزية والحكاية عن المقاصد ، على اختلافها في التفهيم من كونها حكاية عن نسبة لها خارج أو عن إيجاد نسبة ـ هو كون الإنشاء عبارة عن إبراز نسبة إيجادية ، فإن كان ما في النفس إيجاد نسبة بين الصلاة مثلا وبين المخاطب وإيقاع المادة عليه فيبرزه بقوله : «صلّ» أو كان ما في النفس ملكية دار معيّنة لزيد ، أو زوجية هند له ، فيبرزه بقوله : «بعت ، أو زوّجت» فإذا أبرز ما في النفس بألفاظ وضعت لإفهامها وإبرازها اعتبر العقلاء أو الشرع في عالم الاعتبار ذلك الاعتبار المقصود له الكامن في نفسه.
فالإخبار والإنشاء يشتركان في الإبراز عمّا في النفس كما هو الغرض من وضع الألفاظ ، ويفترقان في المبرز ، لأنّه في الإنشاء قصد إيجاد نسبة ، وفي الإخبار قصد الحكاية عن نسبة لها خارج تطابقه أو تخالفه ، فلذا يتصف الخبر بالصدق والكذب ، بخلاف الإنشاء ، لأنّه إيجاد نسبة كانت معدومة ، فليس لها خارج حتى يتصف بالصدق والكذب.
والحاصل : أنّ الأمرين المتقدمين ـ وهما : كون الألفاظ موضوعة لتفهيم المقاصد وما في الضمائر ، وكون الأمر غير الاختياري غير قابل للإيجاد ـ يقتضيان أن يكون موضوع الأمر الاعتباري بيد المتكلم ، لا نفس الاعتبار ، فإنّ ذلك من شأن معتبره من العقلاء أو الشرع. فالمتكلم حين تلفظه بقوله : «بعت» مثلا يبرز ما في نفسه من تبديل ماله بمال ، فيبرز هذا المقصود بلفظ «بعت» المستعمل فيما وضع له. وهذا الإبراز موضوع لحكم الشرع أو العقلاء بالملكية. وهكذا التزويج ونحوه. فالاختلاف بين الإنشاء والإخبار إنّما هو في الوضع ، لا في القصد كما عليه صاحب الكفاية ، ولا يرد عليه شيء مما أسلفناه كما هو ظاهر بالتأمّل.
لكن هذا التقريب لا يخلو أيضا من تأمل ، فإنّ مصبّ النزاع في إيجادية الإنشاءات