وفيه (١) :
______________________________________________________
ومحصل الإضراب : انعقاد الإجماع على عدم كون المعاطاة بيعا ، قال السيد ابن زهرة : «إنّها ليست ببيع ، وإنّما هي إباحة للتصرف. يدل عليه الإجماع المشار إليه .. إلخ» (١). وقال الشهيد الثاني معلّقا على كلام المحقق : «ولا يكفي التقابض من غير لفظ» ما لفظه : «هذا هو المشهور بين الأصحاب ، بل كان يكون إجماعا ..» (٢).
(١) هذا جواب الاشكال الثالث ، وتوضيحه : أنّ النقض بالمعاطاة غير وارد ، لأنّ المحدود هو البيع بالمعنى الأعم الشامل للصحيح والفاسد ، ومن المعلوم أنّ المعاطاة ـ المقصود بها التمليك ـ بيع عرفا ، ونفي بيعيتها في بعض العبائر راجع إلى حكمها أي عدم ترتب أثر البيع اللفظي على مجرد التعاطي ، وهذا نظير بيع ما لا يملك شرعا ـ كالخمر ـ بالصيغة ، فإنّه لا يؤثّر في الملكية وإن صدق عليه عرفا حدّ البيع.
وبعبارة اخرى : إن كان مورد النفي بيعية المعاطاة كان للنقض المزبور مجال ، إذ المفروض وجود «إنشاء التمليك» في المعاطاة مع عدم كونها بيعا. وإن كان مصبّ النفي حكم المعاطاة من الصحة أو اللزوم لم يبق مورد للنقض المذكور ، إذ المفروض صدق البيع على المعاطاة وإن كانت بيعا باطلا. وعلى هذا فنفي بيعيّتها ـ الذي هو المشهور أو المجمع عليه ـ يرجع إلى نفي الحكم أعني الصحة ، لا الموضوع ، وورود النقض يتوقف على كون مورد النفي هو الموضوع أعني البيعية ، لا الحكم.
والشاهد على أنّ مراد النافين نفي الحكم لا الموضوع ـ بعد بداهة صدق مفهوم البيع لغة وعرفا على المعاطاة المقصود بها التمليك ـ أنّ الإجماع لا بدّ أن ينعقد على حكم شرعي ، لا على ثبوت موضوع عرفي أو نفيه. وعليه فلا محيص عن كون معقد الإجماع على النفي هو الحكم الشرعي من صحة المعاطاة أو لزومها.
__________________
(١) غنية النزوع في الأصول والفروع ، ص ٥٢٤
(٢) مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٤٧ ، ونحوه كلامه في الروضة ، ج ٣ ، ص ٢٢٢