.................................................................................................
______________________________________________________
وكذا في كلمات الفقهاء ـ تمليك عين بمال على وجه المقابلة ، فلا يصدق على تمليك غير الأعيان من الحقوق والمنافع ، كما لا يصدق على تمليك عين خال عن العوض. ومعنى الصلح هو التراضي بين المتنازعين وتسالمهما على أمر من تمليك عين أو منفعة ، أو إباحة تصرّف ، أو سقوط حقّ ، أو إبراء دين ، ونحوها. قال العلامة الطريحي في بيان النبوي : «الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا» ما لفظه : «أراد بالصلح : التراضي بين المتنازعين ، لأنّه عقد شرّع لقطع المنازعة» (١).
وعليه فحقيقة الصلح ـ إذا تعلّق بعين مع عوض ـ ليست إنشاء تمليك عين بمال حتى ينتقض به البيع ، بل هي التسالم الاعتباري ، يعني : أنّ الإنشاء يتعلّق أوّلا بالتراضي والموافقة ، لا بالتمليك ، إلّا أنّ التسالم حيث إنّه من سنخ المعاني التعلّقية ـ لاستحالة التراضي المطلق كاستحالة تعلقه بالأعيان ـ فلا بد من تعلّقه بفعل أو بحكم ، فالأوّل ـ أي تعلّقه بالفعل ـ نظير الصلح عن الدار بألف دينار ، بأن يكون المقصود التسالم على تمليكها بالألف ، والثاني كالصلح على ملكيتها بالألف.
وفائدة هذا السنخ من الصلح ـ إذا تعلّق بالتمليك ـ وإن كانت متّحدة مع البيع من حيث وقوع المبادلة بين عين وعوض ، إلّا أنّ العبرة في صدق كل عقد ـ ليترتب عليه أحكامه الخاصة به ـ هي نفس العنوان المنشأ ، سواء اتحدت نتيجته مع عقد آخر أم اختلفت عنه. هذا كلّه في اختلاف مفهومي البيع والصلح سنخا.
وأما الدليل عليه فوجوه ثلاثة نشير إليها فعلا ، وسيأتي توضيحها عند شرح كلمات المصنف قدسسره.
أوّلها : تعدي البيع بنفسه الى المبيع ، وتعدي الصلح إلى متعلّقه بالحرف ، سواء أكان المتصالح عليه عينا أم منفعة ، وسواء أفاد الملك أم الإباحة أم غيرها ، ومن المعلوم أنّ التعدّي بالنفس وبالحرف أمارة اختلاف المفهومين.
ثانيها : أنّ الصلح يجري في موارد طائفة من العقود المعاوضية والإيقاعات ، فلو كان
__________________
(١) مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٣٨٨