والمراد بها هنا (١) ما اشترط فيها العوض ، فليست إنشاء تمليك بعوض على جهة
______________________________________________________
بالشرط ، بأن يشترط الواهب على المتهب تمليك شيء في قبال هبته ، ومن المعلوم الفرق بين اقتضاء ذات العنوان المعاملي للعوض بحيث لا يصدق بدونه كما في البيع ، وبين عدم اقتضاء نفس العنوان له ، وتوقّف وجوب دفعه على الشرط ، الذي هو خارج عن حدود المفهوم كما لا يخفى.
هذا بحسب الدعوى.
والدليل على الفرق المزبور ما أفتى به الأصحاب في بحث الهبة المعوّضة من : أنّ الواهب لا يتملّك العوض ـ المشروط على المتّهب ـ بمجرّد هبته وقبول المتهب ، بل يتوقف تملكه للعوض على أن يملّكه المتهب ، بحيث لو تخلّف المتهب عن الشرط ولم يف به لم تبطل هبة الواهب ، وإنّما يثبت له خيار تخلّف الشرط ، فيكون رجوعه عن هبته واسترداد عينه مستندا الى الخيار ، لا إلى اقتضاء ذات الهبة للمعاوضة والمقابلة ، إذ لو كان كذلك امتنع تملّك المتهب للعين الموهوبة من دون أن يتملّك الواهب للعوض الذي اشترطه على المتهب.
وهذا الفرق كاشف عن كون هبة المتهب للواهب تمليكا مستقلّا ، ولا يقدح التخلف عنه في صدق عنوان «الهبة» على فعل الواهب. وهذا بخلاف البيع ، فإنّ عدم قبول المشتري ـ بحيث يصير البيع بلا ثمن ـ يمنع عن صدق البيع عليه.
(١) أي : في مقام النقض على تعريف البيع ، ومقصوده قدسسره إخراج قسم آخر من الهبة المعوّضة عن مورد النقض ، وهو ما إذا لم يشترط العوض في عقد الهبة ، ولكن المتهب يهب شيئا للواهب جبرا لإحسانه ، وهذه وإن صدقت عليها الهبة المعوّضة ـ على ما قيل ـ لاشتمالها على العوض ، لكن لا ينتقض تعريف البيع بها ، لعدم كون الإعطاء بعنوان العوضيّة حتى يصدق المعاوضة بين المالين أو بين الإعطاءين.
وبهذا ظهر أنّ مقصود المصنف قدسسره بقوله : «هنا» ليس الاحتراز عن مثل العطية والنحلة والصدقة والوقف مما يطلق عليها الهبة بالمعنى العام ، كما في بعض الحواشي ، بل المراد به إخراج الهبة المعوّضة التي يعطي المتهب شيئا للواهب إحسانا إليه ، لا لأجل الشرط.