.................................................................................................
__________________
ومن المعلوم أنّ الصادر منه هو التبديل الإنشائي ، إلّا أنّ الإنشاء متقوم بالقصد ، ومن المعلوم أنّ القصد لا يتمشّى إلا مع العلم بتعقب القبول للإيجاب ، أو رجاء تعقبه له. وأمّا مع القطع بعدمه فلا يتحقق القصد إلى إنشائه.
وبعبارة أخرى : لمّا كان البيع من العناوين القصدية لم يتحقق إلّا بالقصد ، فمع القطع بعدم لحوق القبول لا يحصل قصد الإنشاء الناقل حتى في نظره.
وتفصيل البحث : أنّ للبيع إطلاقات أربعة :
الأوّل : الإنشاء الساذج من دون انضمام القبول إليه ، بمعنى القطع بعدم انضمامه إليه ، وهذا ليس بيعا حتى في نظر الموجب ، لعدم تمشّي القصد المقوّم لإنشائه ، فيصحّ سلب البيع عنه ، ويقال : انّه ليس ببيع.
الثاني : الإيجاب والقبول بدون إمضاء العرف والشرع ، كأن يقول بعتك هذا المنّ من التراب بكذا» فإنّه بيع بنظر الموجب ، لكنّه غير ممضى عرفا وشرعا ، فتأمّل.
الثالث : هذه الصورة مع إمضاء العرف دون الشرع كبيع الخمر ، فإنّه فاسد شرعا وصحيح عرفا.
الرابع : أن يكون ممضى شرعا أيضا ، كبيع منّ من الحنطة بدرهم مثلا ، مع اشتماله لجميع ما يعتبر فيه ، فإنّه صحيح عرفا وشرعا.
إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ البيع المصدري الذي هو فعل الموجب ليس إلّا ما يعدّ فعلا له ، ومن المعلوم أنّ فعله ـ بحيث يضاف اليه ـ ليس إلّا التمليك أو التبديل الإنشائي ، وأمّا القبول فليس جزءا ولا شرطا ، لصدق مفهوم البيع عليه بدونه ، كيف؟ وهو ـ أي القبول ـ يكون معنى الشراء الذي هو مقابل البيع وفعل القابل.
نعم بناء على ما ذكره المصباح من كون البيع «مبادلة مال بمال» وكون المفاعلة مثل التفاعل في الدلالة على اعتبار التعدّد في معناه يتجه دخل القبول في مفهوم البيع شطرا ، وإلّا فلا دليل على اعتباره فيه ، والتبادر وصحة سلب مفهوم البيع عن فاقد القبول لا يدلّان على