.................................................................................................
______________________________________________________
المصنف قدسسره اختصاص المعوّض بالعين ، لتصريحه بجواز وقوع المنفعة عوضا في البيع ، مع وضوح اعتبار المالية في كلّ من الثمن والمثمن.
ولأجل صدق المال على المنافع تصدّى لتمييز البيع ـ من ناحية المتعلق ـ عن الإجارة ونحوها من العقود المالية ، وقال باعتبار كون المعوّض عينا.
وهذه الدعوى تتوقف على أمرين مسلّمين :
أحدهما : أنّ المتبادر إلى الأذهان في هذه الأعصار من «البيع» هو تمليك العين لا مطلق المال.
ثانيهما : إحراز ذلك في عصر التشريع حتى يحمل إطلاق «البيع» في الأدلة على تمليك خصوص العين ، وعدم إطلاقه على تمليك المنافع إلّا بالمسامحة.
وكلا الأمرين مسلّم. أمّا الأوّل فلوجهين : التبادر وصحة السلب ، وهما من علائم الحقيقة والمجاز. أمّا التبادر فلأنّ المنسبق من إطلاق «البيع» ومشتقاته هو مبادلة عين بمال ، ويكفيه شاهدا تعريفه في كتب الفقهاء بذلك ، وجلّهم من أهل اللسان. وأمّا صحة السلب ، فلاعترافهم بمجازية استعمال البيع في تمليك المنافع ، كما إذا أنشأ تمليك سكنى الدار بقوله : «بعتك سكناها سنة بكذا» وهذا كاشف عن صحة سلب عنوان «البيع» عن تمليك غير الأعيان من الأموال ، وعن مجازية إطلاق البيع على تمليك غير الأعيان.
وأما الثاني ـ أعني به إحراز كون معنى البيع في عصر التشريع تمليك الأعيان ـ فلأصالة عدم النقل الجارية في معاني اللغات عند الشك في الموضوع له سابقا ، وأنّه هل هو المعنى المتبادر من اللفظ فعلا أم أنّه نقل المعنى الفعلي عن الوضع الأوّلي؟ فبناؤهم على التمسك بأصالة عدم النقل لإثبات وحدة المعنى. وعليه يحرز كون معنى «البيع» الوارد في الأدلة الشرعية هو المنسبق الى أذهاننا من تمليك خصوص العين ، لا كلّ ما يملك وإن لم يكن عينا.