في السرائر ، وابن زهرة في الغنية ، والحلبي في الكافي ، والعلّامة في التذكرة وغيرها ،
__________________
ذلك مشروع ، دون التمليك البيعي مثلا خير من ذلك» (١).
فليس مقصود الجواهر جعل مصبّ جميع الأقوال المعاطاة التي قصد بها الإباحة ، لأنّ ذلك مما يمتنع صدوره منه مع علوّ مقامه العلمي ، فهذه النسبة اشتباه.
لكن ما أفاده الجواهر مخالف لظاهر كلمات القدماء ، فإنّ عباراتهم ظاهرة في كون مصبّ الأقوال المعاطاة المقصود بها التمليك ، بقرينة تفريع المعاطاة صحة وفسادا على اعتبار الصيغة في البيع وعدمه ، ومن المعلوم أنّ شرطية الصيغة إنّما تكون في مورد قصد التمليك ، ونفي البيعية إنّما هو لأجل فقدان الشرط ، وإلّا كان المتعيّن إسناد هذا النفي إلى عدم قصد التمليك والبيعية ، لا إلى فقدان الشرط أعني الصيغة.
وبالجملة : فلا يرد على الجواهر ما أورده المصنف عليه من جعل مورد النزاع والأقوال المعاطاة المقصود بها الإباحة.
لكن يرد عليه : أنّ جعل مورد قول القدماء بالإباحة المعاطاة المقصود بها الإباحة خلاف ظاهر كلماتهم ، لما عرفت من أنّ موضوع الإباحة عندهم على ما هو ظاهر عباراتهم هو المعاطاة المقصود بها التمليك ، فلاحظ وتدبّر ، والله تعالى هو الهادي.
وقد يوجّه كلام الأصحاب بما أفاده المحقق الخراساني قدسسره من : أنّ المعاطاة المقصود بها الملك تؤثّر فيه بشرط التصرف في العين كتأثير القبض ـ بنحو الشرط المتأخر ـ في مملّكيّة عقد الصرف والسّلم. وأمّا الإباحة قبله فمالكية ضمنية وليست شرعية. ولو سلّم كونها تعبّدية لم يكن لاستبعادها مجال بعد تحقق السيرة التي هي العمدة في الباب (٢).
لكنك خبير بأنّ تنزيل التصرّف الملزم في المقام على القبض في بيع الصرف في توقف الملك عليه وإن كان ممكنا ، إلّا أنّ مجرد الإمكان ثبوتا غير مجد في الالتزام به ، بل لا بدّ من وفاء الدليل بإثباته.
وأمّا جعل الإباحة قبل التصرف مالكية ضمنية ـ أي في ضمن قصد التمليك ـ
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٢٤.
(٢) حاشية المكاسب ، ص ١٠.