فلا يعمّ (١) إبدال المنافع بغيرها (٢) ، وعليه (٣) استقرّ اصطلاح الفقهاء (٤).
______________________________________________________
(١) هذا متفرّع على اختصاص المبيع بالعين ، يعني : أنّ إبدال المنافع وتمليكها ليس بيعا ، بل هو إجارة ، فتمليك منفعة الدار ـ وهي سكناها مدّة عام مثلا سواء أكان العوض عينا كالدينار والكتاب ، أم منفعة كخياطة الثوب ـ ليس بيعا ، بل لا بد من إنشائه بما يدل على نقل المنفعة ، مثل «آجرتك الدار ، أو ملّكتك سكناها ، أو أكريتك الدار» ولا يصحّ إنشاؤه بمثل «بعتك منفعة الدار أو سكناها مدّة عام مثلا» سواء أكان العوض عينا كالدينار والكتاب ، أم منفعة كخياطة الثوب ، لعدم تعلّق البيع بما عدا العين. نعم لو قصد الإجارة وقيل بصحة إنشاء العقود بالمجازات جاز ذلك ، كما سيأتي بيانه في التعليقة إن شاء الله تعالى.
(٢) أي : بغير المنافع ، وهذا الغير هو العوض سواء أكان عينا أم منفعة أم حقّا.
(٣) يعني : استقرّ اصطلاح الفقهاء على اختصاص المعوّض بالعين ، حيث جعلوا البيع في قبال الإجارة ، وقالوا : البيع لتمليك الأعيان ، والإجارة لتمليك المنافع. والمائز بينهما تعلق البيع بالعين ، والإجارة بالمنافع. ويترتب عليه أنه لو شكّ في صدق عنوان البيع على تمليك غير الأعيان كفى في عدم جواز التمسك بأدلة نفوذ البيع ، لكون الشبهة مفهومية ، فلا وجه لترتيب الأحكام المختصة به عليه.
(٤) كما يظهر بمراجعة كلماتهم في تعريف البيع ، وسيأتي طائفة منها في المتن ، وهي وإن اختلفت مضامينها من الانتقال والنقل والعقد الدال على الانتقال أو على النقل وغير ذلك ، إلّا أنّها تطابقت على أخذ «العين» واعتبارها في المبيع ، فمنها قول شيخ الطائفة قدسسره : «انتقال عين مملوكة من شخص الى غيره بعوض مقدّر على وجه التراضي» (١) واختاره ابن إدريس والعلامة في كثير من كتبه كالتذكرة والتحرير والقواعد والنهاية (٢).
__________________
(١) المبسوط في فقه الإمامية ، ج ٢ ، ص ٧٦.
(٢) السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٤٠ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ؛ تحرير الأحكام ، ج ١ ، ص ١٦٤ ؛ قواعد الأحكام ، ص ٤٧ ؛ نهاية الأحكام ، ج ٢ ، ص ٤٤٧.