لما لم يقصد به البيع (١) بل للتنبيه على أنّه لا عبرة بقصد البيع من الفعل.
وقال في التذكرة في حكم الصيغة : «الأشهر عندنا أنّه لا بدّ منها ، فلا يكفي التعاطي في الجليل والحقير ، مثل : أعطني بهذا الدينار ثوبا ، فيعطيه ما يرضيه أو يقول : خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه. وبه قال الشافعي مطلقا ، لأصالة بقاء الملك ، وقصور الأفعال عن الدلالة على المقاصد. وعن بعض الحنفية وابن شريح : في الجليل. وقال أحمد : ينعقد مطلقا ، ونحوه قال مالك ، فإنّه قال : ينعقد بما يعتقده الناس بيعا» (١) انتهى.
ودلالته على قصد المتعاطيين للملك لا تخفى من وجوه (٢) : أدونها جعل مالك موافقا لأحمد في الانعقاد من جهة أنه قال : «ينعقد بما يعتقده الناس بيعا».
______________________________________________________
الأوّل : أن يكون مقصوده عدم كفاية التقابض في حصول الملك ، سواء قصد المتعاطيان التمليك كما في البيع القولي ، أم قصدا مجرّد إباحة التصرفات والإذن فيها.
الثاني : أن يكون مقصوده عدم تأثير التقابض في ترتب الملك عليه ، سواء قامت قرينة على أنّ المتعاطيين قصدا التمليك ـ كاستظهار قصدهما من المقاولة التي تسبق التقابض غالبا ـ أم لم تقم قرينة على قصد التمليك.
والمصنف قدسسره استظهر الاحتمال الثاني ، لأنّ المحقق قدسسره فرّع عدم كفاية التقابض على العقد الدال على نقل الملك ، فلا بدّ أن يكون المتعاطيان قاصدين للتمليك حتى يتجه التفريع المذكور ، إذ لو كانا قاصدين للإباحة كان عدم حصول الملك مستندا إلى عدم المقتضي لا إلى فقد الشرط. ومن المعلوم أنّ المبيح يجوز له الرجوع عن إذنه في التصرف ، وله استرداد ماله.
(١) كما زعمه صاحب الجواهر قدسسره حيث وجّه عدم ترتب الملك في المعاطاة بعدم قصده ، إذ مقصودهما الإباحة لا التمليك.
(٢) أحدها : قوله : «فلا يكفي التعاطي .. إلخ» فإنّ تفريعه على اعتبار الصيغة يدل على كون المتعاطيين قاصدين للتمليك ، وأنّ الفساد نشأ من فقدان الشرط وهو الصيغة.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٦٢.