وأنّهم (١) يحكمون بالإباحة المجرّدة عن الملك في المعاطاة (٢) مع فرض قصد المتعاطيين التمليك ، وأنّ الإباحة لم تحصل بإنشائها ابتداء (٣) ، بل إنّما حصلت كما اعترف به في المسالك (٤) من «استلزام إعطاء كلّ منهما سلعته مسلّطا عليها الإذن (٥) في التصرف فيها بوجوه التصرفات».
______________________________________________________
(١) عطف تفسيري لقوله : «حالها» وهذا هو المطلب الأوّل ، ومحصله : أنّه لا وجه لتنزيل الإباحة ـ الواردة في عبارات الأصحاب ـ على الملك المتزلزل كما أفاده المحقق الكركي ، لكونه خلاف الظاهر ، لا يصار إليه بلا قرينة ، والمفروض عدم وجود قرينة على التصرف المزبور.
(٢) خلافا للمحقق الثاني ، حيث جعل الإباحة بمعنى الملك لئلّا يلزم تخلف العقد عن القصد ، وقال : إنّ مرادهم بالإباحة هو الملك المتزلزل.
(٣) يعني : كما هو مقتضى توجيه الجواهر ، لأنّ المفروض أنّ المتعاطيين قصدا التمليك لا الإباحة.
(٤) أي : كما اعترف الشهيد الثاني بحصول الإباحة في المسالك ، حيث قال فيه ـ بعد نفي الملك احتجاجا بأنّ الناقل للملك لا بدّ أن يكون من الأقوال الصريحة في الإنشاء المنصوبة من قبل الشارع ـ ما لفظه : «وإنما حصلت الإباحة باستلزام إعطاء كلّ منهما الآخر سلعته مسلّطا عليها الإذن في التصرّف فيها بوجوه التصرّفات ، فإذا حصل كان الآخر عوضا عمّا قابله ، لتراضيهما على ذلك. وقبله يكون كل واحد من العوضين باقيا على ملك مالكه ، فيجوز له الرجوع فيه. ولو كانت بيعا قاصرا عن إفادة الملك المترتب عليه لوجب كونها بيعا فاسدا إذ لم يجتمع شرائط صحته ، وما جاء من قبل الشارع أنّ البيع على قسمين ، فما حصل فيه الإيجاب والقبول على وجههما لازم ، وما حصل فيه التراضي بدونه جائز ، ومن ثمّ ذهب العلامة في النهاية إلى كونها بيعا فاسدا ، وأنّه لا يجوز لأحدهما التصرف فيما صار إليه أصلا» (١).
(٥) بالنصب مفعول قوله : «استلزام» و«مسلّطا» حال من «إعطاء» يعني : أنّ الإعطاء التسليطي يستلزم الإذن في التصرف.
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١٤٨ و ١٤٩.