.................................................................................................
______________________________________________________
بإخبار الثقة ونحوهما. والمراد بالثانية عمل المتشرّعة بأمر والتزامهم به بما أنّهم متديّنون.
والفارق بين السيرتين : أنّ اعتبار الاولى يتوقف على إمضاء الشارع لها ولو بعدم الردع ، دون الثانية ، لكونها إجماعا عمليا متلقاة من الشارع.
والظاهر أنّ مقصود المصنف قدسسره من السيرة هنا هي السيرة العقلائية دون المتشرعية ، وذلك لما سيأتي منه في التشكيك في حجيتها بقوله : «فهي كسائر سيرهم الناشئة عن المسامحة وقلّة المبالاة في الدين ..» ومن المعلوم أنّ سيرة المتشرعة لا سبيل للطعن فيها بمثله ، وإلّا لم تكن سيرة المتشرعة.
وكيف كان فالاستدلال بالسيرة العقلائية على ترتيب آثار الملك على المعاطاة منوط بأمور ثلاثة لا بدّ من إحرازها :
الأوّل : أصل ثبوت بناء العقلاء على معاملة الملك مع المأخوذ بالمعاطاة.
الثاني : استمرار عملهم من زماننا إلى عهد الشارع وعدم كونه من السير الحادثة.
الثالث : عدم ردع الشارع الأقدس عنه حتى يستكشف إمضاؤه له وتقريره إيّاه. وهذه الأمور الثلاثة محققة في المقام.
أمّا الأمر الأوّل ، فلوضوح استقرار بناء العقلاء على ترتيب آثار الملك على المعاطاة ، لتصرفهم في المأخوذ بها بما يكون من شؤون سلطنة المالك خاصة ، من جواز بيعه وعتقه والإيصاء به الى الغير ، وتوريثه ، ووقفه ، والتصدّق به ، ونحو ذلك من التصرفات التي يتوقف نفوذها على صدورها من المالك أو من يقوم مقامه ، ولا تكون مشروعة من المباح له. ولو كانت المعاطاة مؤثّرة في الإباحة المحضة دون الملك لكانت التصرفات المذكورة غير نافذة شرعا ، وأوجب ذلك اختلال نظام المعيشة. وإنكار هذه السيرة مكابرة ، فإنّها ثابتة من العقلاء بما هم عقلاء ، ومن المتشرعة بما هم متشرّعون. فدعوى كون المتيقن من هذه السيرة هو إباحة التصرفات لا الملكية مجازفة.
وأمّا الأمر الثاني : فلأنّ هذه السيرة ليست حادثة في الزمن المتأخر عن عصر الشارع ،