.................................................................................................
__________________
والنكاح وغير ذلك. وثالثة يتعلق بالأمور الاعتبارية المبرزة بمبرز خارجي أو المنشئة بإنشاء قولي أو فعلى كالصلح والبيع والإجارة ، وغيرها من الأمور الاعتبارية.
فإن تعلّق بأعيان خارجية لم يصح الكلام إلّا بتقدير فعل مناسب يتعلّق به الحكم ، وإلّا كان لغوا ، فدلالة الاقتضاء توجب التقدير المزبور ، فيتعلق الحلّ في الآيات المتقدمة بالأكل وفي آية حرمة الأمّهات بالنكاح.
وإن تعلّق بالأفعال الخارجية يصحّ الكلام من دون حاجة الى تقدير ، كقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) (١) لكون متعلق الحل ـ وهو الفعل كالرفث في الآية الشريفة ـ مذكورا في الكلام.
وإن تعلق بالأمور الاعتبارية فكذلك ، لصحة تعلّقه بها من دون حاجة الى تقدير.
إذا عرفت ما ذكرناه فاعلم : أن مقتضاه إرادة حلية نفس البيع من الآية الشريفة وعدم تقدير التصرفات ، لأنّه خلاف الأصل كما عرفت ، فمعنى الآية الشريفة ـ والله العالم ـ : أنّ الله تعالى شأنه قد رخّص في إيجاد البيع وأطلقه ، ولم يمنع عن تحققه في الخارج. فيراد بالحلّ الجامع بين التكليفي والوضعي ، فتدلّ الآية المباركة ـ بالمطابقة ـ على جواز البيع تكليفا ونفوذه وضعا. ولا ينبغي الارتياب في كون المعاطاة المقصود بها التمليك بيعا ، فيشمله قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لأنّ المراد بالبيع في هذه الآية المباركة هو معناه العرفي لا الشرعي ، بمعنى ما يكون جامعا للشرائط الشرعية حتى يكون مؤثرا فعلا ، لما عرفت ـ في بعض الأمور المتقدمة من امتناع دخل ما ينشأ عن الحكم في متعلقة ، والمفروض أنّ الصحة مترتبة على الدليل ، فلا يمكن أخذها في متعلقة. فالمقصود من البيع في الآية هو العرفي ، فالبيع العرفي بمقتضى هذه الآية حلال تكليفا ووضعا ، فالمعاطاة حلال كذلك ، لأنّها بيع عرفي.
فالمتحصل : أنّ الاستدلال بقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) على كون المعاطاة بيعا جائزا ونافذا في غاية المتانة.
__________________
(١) البقرة ، الآية : ١٨٧.