.................................................................................................
______________________________________________________
التجارة عن تراض ، وتدلّ على تحقق الملكية من أوّل الأمر ـ لا حين إرادة التصرف ـ بالملازمة العرفية ، لأنّ السلطنة المطلقة على شيء لا تنفك عرفا عن الملكية ، وإن كانت الملكية قد تنفك عن السلطنة كالمحجور لأحد موجبات الحجر من صغر أو فلس أو جنون أو غيرها.
وبالجملة : فوزان الاستدلال بهذه الآية المباركة وزان الآية المتقدمة ، غاية الأمر أنّ الاستدلال بهذه الآية لا يتوقف على التقدير ، لكون متعلق الجواز مذكورا وهو «الأكل» المراد به التصرف. بخلاف الاستدلال بتلك الآية ، فإنّه منوط بتقدير التصرفات. فالاستدلال بهاتين الآيتين على مملكية التجارة والبيع ـ الذي تكون المعاطاة من أفراده ـ يكون بالدلالة الالتزامية الشرعية ، لأنّ مدلولهما المطابقي هو حلية التصرفات تكليفا كما عرفت (*).
__________________
(*) ويرد عليه ـ مضافا الى ما أورد به على الاستدلال بآية حل البيع ـ أنّ عموم التصرفات للتصرفات الاعتبارية غير ظاهر ، لأنّ الأكل الذي هو تصرف خارجي وإن لم يكن نفسه بمراد ، إلّا أن المتيقن من التعدي عنه هو التصرفات الخارجية. وأمّا التعدي إلى التصرفات الاعتبارية المغايرة سنخا للتصرفات الخارجية فلا قرينة عليه. والدلالة الالتزامية الدالة على الملكية لا يكفي فيها إباحة التصرفات الخارجية ، فلا يصح الاستدلال بهذه الآية المباركة بالدلالة الالتزامية على مملّكية المعاطاة التي هي تجارة عن تراض.
ويرد عليه أيضا ما أفاده المحقق الايرواني قدسسره من : أنّ غاية مدلول الآية حلية التصرفات المترتبة على المعاطاة ، وأمّا الملكية من أوّل الأمر فلا ، لكفاية الملكية الآنيّة في حلية مطلق التصرف المتوقف على الملك (١).
وهذا الإشكال ـ الذي أورد به المصنف على الاستدلال بآية الحل ـ مخصوص بالتقريب الأوّل. وأمّا التقريب الثالث وهو دلالة الآية على الصحة بالملازمة العرفية بينها وبين الحلية فهو سليم عن هذا الإشكال ، إذ المفروض أنّ العرف يرتّب آثار الملك على المعاطاة من حين
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٧٧.