.................................................................................................
______________________________________________________
إن شاء الله تعالى.
وتوضيح الوجه المذكور في المتن منوط بالإشارة إلى أمرين :
أوّلهما : أنّ النهي في المستثنى منه ظاهر في حرمة الأكل تكليفا ، فيكون الجواز في المستثنى ظاهرا في الحلية التكليفية أيضا.
ثانيهما : أنّ متعلّق النهي وان كان هو الأكل لكن لا يراد به ظاهره أي الازدراد المقابل للشرب قطعا ، بل المراد به التصرف في أموال الناس بغير حق ، ومقتضى حذف المتعلق إرادة مطلق التصرف سواء أكان متوقفا على الملك أم لا ، إذ لا قرينة في الآية الشريفة على إرادة صنف خاص من التصرفات. ومقتضى المقابلة إرادة حلية كل تصرف ـ سواء توقف على الملك أم لا ـ في المأخوذ بالتجارة عن تراض.
قال في مجمع البيان : «ذكر الأكل وأراد سائر التصرفات ، وإنّما خصّ الأكل لأنّه معظم المنافع .. الى أن قال : وفي قوله : بالباطل قولان : أحدهما : أنّه الربا والقمار والنجش والظلم ، عن السدي ، وهو المروي عن الباقر عليهالسلام. والآخر : أنّ معناه : بغير استحقاق من طريق الأعواض ، عن الحسن. قال : وكان الرجل منهم يتحرّج عن أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية إلى أن نسخ ذلك بقوله في سورة النور (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) .. الى قوله (أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) .. إلى أن قال : وثالثها : أنّ معناه : أخذه من غير وجهه ، وصرفه فيما لا يحلّ له ، إلّا أن تكون تجارة أي مبايعة» (١).
وبوضوح الأمرين المتقدمين نقول في تقريب الاستدلال بالآية المباركة : إنّ «الأكل» كناية عن مطلق التصرف ، إذ لا قرينة على إرادة فعل خاص ، فيتعيّن إرادة مطلق التصرف ، والمعنى حينئذ : أنّه لا تتصرّفوا في أموال الناس بالأسباب الباطلة ، إلّا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض كالمعاطاة التي هي تجارة لغة وعرفا. والاستثناء من الحرمة التكليفية يقتضي الحلّ التكليفي ، فتدل الآية بالمطابقة على حليّة التصرفات ـ تكليفا ـ المترتبة على
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٣٧.