.................................................................................................
__________________
الباطل حتى يكون المعنى : إلّا أن تكون التجارة الباطلة تجارة عن تراض. وبين كون «تجارة» منصوبا ـ كما عن عاصم وحمزة والكسائي ـ على أن يكون «كان» ناقصة ، والتقدير : إلّا أن تكون التجارة تجارة عن تراض ، أو : أموالكم أموال تجارة ، بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.
والحاصل : أنّ «التجارة عن تراض» ضدّ الباطل ، فلا تكون من جنسه حتى يكون الاستثناء متصلا. فما في تقرير بحث السيد المحقق الخويي قدسسره : «من كون الاستثناء متصلا ، حيث قال المقرّر : «فان كان الاستثناء متصلا كما هو الظاهر والموافق للقواعد العربية كان مفاد الآية : أنّه لا يجوز تملك أموال الناس بسبب من الأسباب ، فإنّه باطل ، إلّا أن يكون ذلك السبب تجارة عن تراض ، فتفيد الآية حصر الأسباب الصحيحة للمعاملة بالتجارة عن تراض» (١) غير ظاهر ، لأنّ «الباطل» يكون نعتا للسبب المستفاد من الباء السببية ، فالمعنى : أنّه يحرم تملّك أموال الناس بسبب باطل إلّا أن يكون ذلك السبب الباطل تجارة عن تراض ، إذ النعت قيد للمنعوت ، والاستثناء يكون من مجموع النعت والمنعوت ، كقوله : «جاءني العلماء العدول ، أو : أكرم العلماء العدول إلّا زيدا» فإنّه لا ينبغي التأمّل في عدم صحة هذا الاستثناء إذا لم يكن زيد عالما عادلا. ومجرد كونه عالما لا يكفي في صحة هذا الاستثناء ، لخروجه عن العام موضوعا من دون حاجة الى الاستثناء ، بل الاستثناء حينئذ مستهجن عند أبناء المحاورة.
من غير فرق في ذلك بين التخصيص الفردي كالمثال ، وبين النوعي كقوله : «أكرم العلماء العدول إلّا شعراءهم ، أو فلاسفتهم ، أو البصريين منهم» أو غير ذلك من الأنواع ، فإنّ هذا الاستثناء لا يصح إلّا إذا كان المستثنى من العلماء العدول.
نعم إذا كان الكلام هكذا : «كل تجارة باطلة إلّا تجارة عن تراض» كان الاستثناء متصلا ، لكنه ليس كذلك ، لأنّ «الباطل» في الآية الشريفة نعت للموصوف المستفاد من الباء السببية ، فالكلام يكون هكذا : «لا تتصرّفوا في أموال الناس بالسبب الباطل ، إلّا أن يكون ذلك السبب
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ١٠٣.