.................................................................................................
__________________
وعلى كلا التقديرين لا معنى لحلّيته إلّا باعتبار ما يناسبه كالتصرف ، فيراد من حلية المال حلية التصرف فيه ، كما أنّ المراد من حلية المأكولات حلّية استعمالها الأكلي ، فمعنى الرواية : أنّ الشارع المقدس لم يرخّص في التصرف في مال امرء إلّا بطيب نفسه ، فتكون أجنبية عما نحن فيه (١).
لكن يمكن أن يقال : إنّ الاستدلال لا يتوقف على إرادة الحلّية الوضعية ، لتماميته مع إرادة الجامع أيضا. بل يتم حتى مع ظهورها في التكليف خاصة ، لدلالة حرمة التصرف الخارجي ـ في مال الغير بعد الفسخ ـ التزاما على عدم تملكه بالفسخ ، إذ مع نفوذ تملكه لا وجه لحرمة التصرف فيه تكليفا. وعليه فلو سلّمنا اختصاص التصرف بالخارجي دون الاعتباري ، والحلّ بالتكليفي تمّ الاستدلال بالحديث أيضا على المدعى.
وأمّا استفادة خصوص الحلية التكليفية عند الإضافة إلى الأعيان فلا تخلو من غموض. فإنّ الحلية المسندة إلى الأعيان يراد بها كلّ من التكليف والوضع ، كقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ، وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ، وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (٢) فإنّ الحلّ المضاف الى الطيبات والطعام تكليفي ، والمضاف الى المحصنات وضعي ، لأنّ المراد به العقد عليهن. وكذا في قوله تعالى في المطلقة ثلاثا (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٣).
وبالجملة : فإطلاق «الحلّ» المضاف إلى الأعيان على كلّ من الحلّ التكليفي والوضعي ممّا لا ينبغي التأمل فيه.
بل يمكن أن يقال : بعدم الحاجة الى التقدير حتى يقال : إنّ المقدّر هو التصرف الخارجي ، بتقريب : أنّ إطلاق إضافة الحلّ الى ذات المال مبنيّ على الادّعاء ، ضرورة أنه لا معنى
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ١٣٩.
(٢) المائدة ، الآية : ٥.
(٣) البقرة ، الآية : ٢٣٠.